الكاتبة المصرية / خلود أيمن تكتب مقالًا تحت عنوان "الإفراط في تقديم التضحيات"
إن التضحية ربما تكون وسيلة تعذيب أو ضياع للكثير من البشر في حالة زيادتها عن الحد المعقول المطلوب الذي يساهم في استمرار الحياة دون جلب للمشاكل أو المنغصات إليها ، فعلى المرء أنْ يقبل فكرة الأخذ و العطاء في كل العلاقات الإنسانية و يعطي بمقدار ما يأخذ دون إفراط أو بذخ ، يعرف ما له من حقوق كما يتقدم بمنح ما عليه من واجبات بأقصى طاقة لديه ، فالتضحية مقبولة في حالات معينة حينما تكون بين الأم وأبنائها أو بين الأب و أولاده أما بغير ذلك فهي إهدار للحقوق و إذهاب للعمر سدى ، فالتضحية إنْ لم تكن تسير في الاتجاهين بنفس المقدار والقوة فسوف تُهْدَم تلك العلاقة لا محالة فلن يتمكن طرف واحد من تقديم المزيد من التنازلات والتفريط في حقوقه طوال حياته دون أنْ يمل أو تستنفد طاقته ، فلا بد أنْ يعي الطرف الآخر ذلك ولا يتمادى في أفعاله المستفزة التي تضطر الآخر للخنوع و الرضوخ لما يأمر به دون أنْ يكون راضياً عنه أو مقتنعاً به البتة ، فنرى أن فكرة التنازل أو التضحية بمفهومها الشامل تُطبَّق بشكل حتمي بحت على علاقة الارتباط والزواج فتظل الفتاة تُقدِّم العديد من التنازلات منذ بداية حياتها و معرفتها بذلك الشخص إلى أنْ تدخل قفص الزوجية و تظل تعاني و تكابد من ذلك الأمر الذي صار فرضاً عليها وستُتَهم بالتقصير إنْ لم تقدمه في أبهى صورة فهي مَنْ وافقت عليه منذ بداية الرحلة وقد تلجأ للتخلي عن متطلباتها البسيطة حتى تسير المركبة دون أنْ تتخلل المياه إليها فتُغْرِق كل مَنْ بها ، فلا بد من وقفة للحد من تلك التصرفات المزرية التي تُضيِّع حياة الكثير من الفتيات دون القدرة على استعادة ذواتهن اللاتي اسْتُهلِكت بفعل الاعتياد على ذلك الأمر اللعين المسمى التنازل والذي فُرِض عليهن وأُجْبرن على القيام به نظراً لخوفهن من ضياع تلك الفرصة الذهبية التي لن تُعوَّض المتمثلة في الزواج ، فهي مجرد هلاوس و وساوس ليس لها أي أساس من الصحة أو دليل يثبتها وهذا يُعلِّمنا ألا ننصت لصوت العقل الذي يتنبأ لنا بتلك الأفكار السوداوية التي تجعلنا نُعرِّض أنفسنا للخطر و نضع حياتنا على المَحك ، فلا توجد فرص مميزة تضيع أو تذهب من بين قبضة أيدينا فكل مكتوب سوف نراه ولو بعد حين ، فلنتحل بمزيد من الصبر و حسن الظن والثقة بالله ولا نتجاوز في تقديم المزيد من التنازلات و التضحيات التي لا طائل منها سوى تبديد الحقوق التي لن ترجع مطلقاً ولو حاولنا وأعدنا الكرَّة مئات المرات فيجب أنْ تُقدَّم التنازلات بالقدر المعقول من كلا الطرفين حتى تستقر الحياة ولا تميل إحدى كفتيها فنخسرها للأبد ...
الكاتبة المصرية / خلود أيمن تكتب مقالًا تحت عنوان "الإفراط في تقديم التضحيات"
Post A Comment: