الكاتبة المغربية / نجاة زين الدين تكتب مقالًا تحت عنوان "متى ستنتصر الإنسانية للمرأة؟ ؟؟"
و نحن نستشرف الأيام الأممية للاحتفال باليوم العالمي للمرأة، وجب التوقف لبرهة في وضع كل النساء ببلادي و بكل البلاد العربية و الإفريقية و العالمية...
نعم، وجب مساءلة الذات الإنسانية و المحيط الوضعي بتقسيماته الجغرافية و الإثنية و العرقية و العقائدية و النيو_ الإستعمارية عن مستجدات الإنجازات التي تم تحقيقها لصالح هذا الكائن، في ظل أجواء اتسمت بسيطرة اللاإستقرار و إنعدام الأمن و الأمان، بسبب تفشي عدائية الإنسان للإنسان... و بحث هذا الأخير الدائم على التفوق على أصل انتمائه، في تحد صارخ لكينونته البشرية، و في غياب مطلق لإحترام وتقدير حضور الأخر و قبوله بالرغم من كل اختلافاته...مما عرقل كفاءته...و دحض عزيمته...و كسر إرادته...في ظل مستجد العصر القاتل : فيروس الكورونا الذي تحور الى أنواع أخرى من الفيروسات التي هددت الحياة الإنسانية بكل شتى مناطق العالم... الذي غزته الأنانية المضخمة و غابت فيه المباديء السامية...
وهكذا كانت المرأة في ظل الخريطة السياسية النيوليبرالية العالمية، بتنافراتها و عدوانيتها و تضارب مصالحها... إلخ...الضحية رقم 1 في سلم تراتبية ضحايا العالم الجديد، نتيجة مستجدات حروبه المعلنة و الضمنية... الصريحة و الباردة، في تصور منطق المصالح الضيقة الذي رسمته مطامع سياسات الدول العظمى التي تفترس اليابس و الأخضر، الإنسان و الحجر، و التي لم تنشغل قط لا بإحترام حقوق الإنسان، كما تدعي، و لا بتنفيذ نصوص كل المعاهدات و المواثيق الدولية، الموقعة عليها و التي بقيت مجرد حبر على ورق، في الكثير من دول العالم بالرغم من مصادقتها عليها، و لا حتى بفصول مضامين قانون جنيف الذي وضع منذ سنة 1864م و لم يعدل إلا عند نهاية الحرب العالمية الثانية ولم يلقح إلا ببروتوكول إضافي فقط، و ذلك في سبعينيات القرن الماضي لحماية المدنيين خلال الحروب، بما في ذلك المرأة و الطفل اللذان كانا في مقدمة ديباجة القانون الدولي الإنساني ...و الذي كان مااله منذ ذلك الحين النسيان و لم يساءل به أو عنه أحد، لأنه بدوره لفت شفرات فصوله كل مظالم بطش الحروب و سياسات الإستبداد و الطغيان تارة بإسم محاربة الإرهاب و تارة أخرى بإسم حقوق الإنسان، و مرة بإسم التطاول على الحدود و مرة أخرى بإسم أرض الميعاد و أحيانا بمنطق الوصاية و أحيانا أخرى بمنطق القوة و قانون الغاب....الخ...!!!! ؟؟؟؟؟
نعم، و نحن نعانق إحتفال العالم برمته باليوم العالمي للمرأة، يحدوني سؤال كبير ، بل هي أسئلة كبرى قضت مضجعي لمدة أسابيع بل شهور و سينين...أحببت مشاركة الجميع فيها جهرا من خلال هاته السطور، لعلنا نسائل من يعنيهم الأمر إلى أين المسير بكل هذا الذهاء الإنتهازي الذي لا يبالي لا بحقوق الإنسان و لا بأمن العالم و لا بأمانه؟ إلى أين المسير في ظل مخططات إمبريالية توسعية همها الوحيد هو السبق لإحتلال المرتبة الأولى و السيطرة على كل البشرية و خيرات العالم، من خلال تسييد أباطرته الست ( أمريكا، إسرائيل، أوروبا، روسيا، إنجلترا و الصين) و زرع العنف و الفتن في الكثير من أراضيه و إحتلالها بكل عنجهية في بحث دائم و سافر لإعادة تقسيم الخريطة، و عن حصة من كعكة الثروات الطبيعية و الباطنية و بحثا عن أسواق لصناعاتها الثقيلة بما في ذلك الأسلحة و ذخيرة الدمار الشامل، و التي لن يتأتى لها إنتعاش لاقتصاداتها الرأسمالية المتوحشة، المبنية بالدرجة الأولى على منطق الربح المالي و لا شيء غير الربح برفع احتياطاتها من السيولة المادية و من الذهب الأصفر و الأسود فقط، دون زعزعة و تشجيع الإضطرابات الداخلية بكل دول البلاد العربية و الأسيوية و بعض دول أمريكا الجنوبية و بكل القارة الإفريقية، التي تبقى مرماهم الأول من خلال زرع الفتن و التفنن في شحن النفوس الضعيفة بالهلع و الخوف من القادم...و نفث سموم الحروب الاثنية و الإقليمية... إلخ...
هاته الأخيرة(الحروب) التي استهلكت من الثروات الإنسانية و المالية و الطبيعية ما لم تكن لتترك فقيرا و لا محتاجا فوق البسيطة، فحسب معطيات هيأة الأمم المتحدة للتنمية فإن ما استثمر في الحروب سنة 1998م (يعني 780 مليار دولار)، كان كافيا لأن لا يبقي على أديم الأرض فقيرا و لا جوعانا، بل كان سيقضي على كل الأزمات الإقتصادية و الإجتماعية أنداك...دون نسيان ما صرفته أمريكا في حروبها على البلاد العربية من فلسطين الى اليمن مرورا بسوريا و العراق، في دفاعها الأبدي على الكيان الإسرائيلي الغاشم، المحتل ...فمنذ سنة 1967م خصصت عدوة الشعوب(أمريكا) من الميزانيات ما يمكن ساكنة دول العالم برمتها من العيش بكرامة إنسانية حقيقية، و عدالة إجتماعية و مجالية واقعية و راقية...
و هكذا يبدو لنا جليا أن من حاولوا إدعاء تبني منظومة حقوق الإنسان، من خلال الترويج لذلك باسم الجمعية العامة للأمم المتحدة، أو من خلال هيئاتهم الدولية المختلفة، و التي روجوا لها من خلال إعلامهم الدولي المزيف للحقائق و المزور لبيانات الوقائع...و الذي بيع فيها الإنسان في مزاد علني لأكبر سوق للبشرية ببورصة صندوق النقد الدولي، الذي لن تتوقف بدوره، إملاءاته على كل الشعوب المستضغفة في هذا العالم، الذي فقر بتخطيط و تكتيك ممنهج بضرب مجانية التعليم و الصحة...حتى تبقي فقط على سمو الإمبريالية الصهيونية التي تحكمت في كل دواليب الإقتصاد العالمي بانفرادها بكل القطاعات الحيوية من أبناك و تأمين و لوجيستيك و كل أنواع الصناعات الثقيلة و المهمة و خوصصة للقطاعات العمومية الرئيسية التي كان من باب المفروض أن تتحمل الدول مسؤوليتها كاملة فيها.... أو ليس هم من وضعوا بحنكة الثعلب فسيفساء هذا المكر السياسي؟؟؟ الذي وصل إلى حدود زرع الفيروسات و التسبب في قتل جماعي لكل البشرية بدون حساب و لا عقاب و لا متابعة...لتحقق شركات الصناعات الدوائية أكبر الأرباح و أهمها خلال هاته السنين...؟؟؟
نعم، تحل ذكرى الثامن من مارس، على غرار كل السينين السابقة، و لا زالت إحصائيات الدول العظمى تسجل إرتفاعا مهولا في عدد ثكالى و أرامل و يتامى و ضحايا الحروب...فبفلسطين لازالت المرأة معتقلة و مهجرة قسرا من ديارها و معنفة و مسحولة أمام أنظار عالم التطبيع و إعلام التهجين و الإستسلام...و بالعراق لازالت الأم العراقية تبكي أبناءها و تندب حظها...أما المرأة السورية فلازالت حكاياتها تروى بكل حدود دول العالم و بكل مراكز الإستقبال و الإيواء التي إحتضنتها مع صغارها خاصة ألمانيا و هي تعيش أحلك أيام اجثتات أصولها و شتات إنتمائها...دون نسيان حالة البؤس و الفقر و المجاعة التي تتخبط فيها المرأة اليمنية بمخيمات المستنقعات إلانتقامية و اللاإنسانية...أما المرأة الإفريقية فإنها تنذب حظ طفولتها التي تقامر بحياتها في هجرة جماعية بحثا عن رغيف الكرامة بالالدورادو الغربي الكاذب، الذي لازالت تسوقه مافيا البشرية بدون حياء و لا ضمير...لينتهي المطاف بمعظمهم في بطون أسماك القرش بالمحيط الأطلسي و البحر الأبيض المتوسط، في الوقت الذي تتوفر فيه القارة السمراء على خيرات طبيعية هامة و متنوعة و هرم سكاني يشكل الشباب أكثر من نصفه، هذين العاملين اللذين كانا لوحدهما كفيلين ليجعلا منها أغنى قارة بالعالم، لولا حالة الإضطرابات السياسية الداخلية بسبب الحروب الأهلية التي تفننت ماما فرنسا في زرعها بوضع خدامها على رأس قيادات دولها المستقلة/المستعمرة... لتطل علينا هذه السنة من خلال مسرحيتها المضحكة: لقاء شباب إفريقيا بفرنسا من خلال "لادياس بورا"، و الذي كان لشجاعة المرأة الإفريقية ابان، السبق بتسمية الأمور بمسمياتها الحقيقية بكل جرأة و بسالة، مما خدش شيئا من مساحيق المنظمين التنميقية، التي سعت من خلال هذا اللقاء الغريب و العجيب تبرير الحضور الفرنسي لحدود الساعة بالقارة السمراء من خلال قواتها العسكرية و مؤسسات التدبير المفوض للعديد من القطاعات التي تستنزف جيوب شعوب قارتنا القوية/الضعيفة، الغنية/الفقيرة...و كذلك من إستمرار عملة الفرنك سيفا (fcf) لحدود الساعة، في التدبير الإقتصادي الداخلي للمعاملات المالية لكل الأفارقة الذين عبروا الآن بصوت عال عن رفضهم لمجريات الأمور، وفق ما خططته يد الإستعمار الاثنة...
نعم، تحل الذكرى، لتسجل الأم المغربية من خلال حضورها الفعلي و القوي بالكثير من المحطات النضالية، و من خلال كل مواقع إشتغالاتها و مراكز قراراتها الصورية منها و العملية، التقليدانية منها و المتقدمة، الظلامية منها و المتنورة، أنها جزء من تركيبة هذه البلاد العاقة و التي لم تؤمن قط بانصافها من خلال تحقيق المساواة الفعلية بين الجنسين و الكرامة الإنسانية الواجبة و العدالة الاجتماعية و المجالية المطلوبة ...
نعم تحل الذكرى، في إرتفاع مهول للأسعار و إنفجار مدوي لثمن المحروقات، الشيء الذي سيؤثر سلبا على التدبير الداخلي للبيت المغربي من دون أي مجال للشك، و الذي تتحمل فيه المرأة المغربية كامل المسؤولية دون إعتراف من مجتمعنا البطريركي الجاحد، و الذي لازال يتحكم في ميكانيزماته التربوية ذلك التمييز الجنسي الأبوي المتغطرس و اللاعادل...
نعم، تحل الذكرى و الكثير من الزوجات و الأخوات و الأبناء و البنات و الأمهات المغربيات ينتظرن الإفراج عن أبنائهن المعتقلين بسبب أرائهم المخالفة للسياسات العمومية المنتهجة في التدبير الترابي...لا لشيء سوى لمطالبتهم بمدارس و جامعات و مستشفيات و حياة إنسانية كريمة...و عمل قار بعيد عن تعاقد مسموم يفقدهم الإحساس بفخر الإنتماء....
نعم، نعم، تحل الذكرى، و طوابير ضحايا التعنيف الزوجي، و الاغتصاب و التحرش الجنسي في صفوف المرأة المغربية تزداد يوما بعد يوم...بمحاكم المملكة دون إنزال أشد العقوبات بالجناة، و الذين كثيرا ما يفلتون من نصوص القانون لاستشراء الفساد و سياسات باك صاحبي التي قتلت الضمير و مسخت الأخلاق و أشاعت الفوضى و اللااستقرار داخل الأسر التي فقدت بدورها قيمتها الحضورية الفعلية و المعنوية بسبب إنتشار المخدرات التي أصبحت إحدى الظواهر المسلم بها بكل هجانة و استسلام، على غرار إستغلال جسد المرأة في يافطات الإعلام بسبوطات الإشهار و مواد روتيني اليومي الماسخة، المائعة، و التي أصبحت مهينة لكل المشتغلات بفضاء اليوتوب و واجهة الفضاء الازرق، لقبول بعض النساء الإتجار في أجسادهن بكل مهانة و سخافة و ميوعة، الشيء الذي برر به تعميم أحكام القيمة الجائرة و الظالمة لكل نساء بلادي بوضعهن جميعا في قفص إتهام ماجن و منحل، مما شدد من تزايد أساليب التحقير و الدونية الممارسة عليهن داخل المجتمع، هذا الاخير الذي تناسى أن تلك النماذج لا تمثل إلا نفسها و أنها مجرد ضحية لسياسة "لهي يا بوملهي" التي تنتهجها الدولة لثني المجتمع الأبيسي المريض عن الإهتمام بالقضايا الوطنية الجوهرية الكبرى...
فالمرأة المغربية الحقيقية هي رمز للجدية و المثابرة و التضحية...هي رمز للعطاء و العمل و الكفاح...هي من ناضلت بجانب رفيقها الرجل أثناء محاربة الاستعمار الفرنسي الغاشم...و هي من أحرزت على المراتب الأولى في كل فصول التمدرس، و هي من ترفض الإذعان لقهر الزمان و لظلامية الإستبداد الذكوري مما أهلها في أن تكتسح كل القطاعات و تنتزع أرقى النتائج و أفضلها....لتستحق بذلك أعظم إحترام و تقدير...
نعم، تحل الذكرى و مؤسساتنا التعليمية حولت مسالكها التربوية الى مؤسسات ابتزاز علني، عملتها الأساسية الجنس مقابل النقط...لتنضاف فضائحها إلى ما سبق من انكسارات لذواتنا و هزائم مطردة تتشبث بقتل كل ما هو جميل فينا....
نعم تحل الذكرى، و وضع بنياتنا الصحية بمختلف التراب الوطني تؤكد هشاشتها و وضعها المأساوي بسبب ضعف التجهيزات و نذرة الأطر الصحية التي غادرت البلاد جماعة مرغمة لضعف الاعتمادات المخصصة لها، و هزالة الأجور...لترتفع نسبة وفيات النساء اللواتي أصبحن يلدن بمداخيل المستفيات دون رحمة و لا إنسانية...
تأتي الذكرى و لازالت ممثلة الشعب: الدكتورة نبيلة منيب أول إمرأة مغربية تتقلد مهمة أمينة عامة لحزب سياسي بالمغرب، ممنوعة من دخول البرلمان...في ضرب صريح و صارخ لشعارات الديمقراطية التي تتبجح بها الدولة بمختلف منابرها الإعلامية....من أجل ثني عزيمتها و زرع الإحباط في نفسيتها لارغامها على الرجوع عن قناعاتها، و التراجع عن تصريحاتها الجريئة و الصادقة....
تأتي الذكرى، و قلوب أمهات وادي زم: الشهيدة، تنزف دما على فقدان فلذات أكبادها في فاجعة الغرق الجماعية التي أودت بحياة سبعين شاب و شابة فضلوا المغامرة بحياتهم، بغية تحسين أوضاعهم في عالم الديمقراطية المنفوخ كذبا و بهتانا...و التي لو توفرت عدالة مجالية بكل مناطق المغرب لما قامر شبابنا بحياته في مياه البحر و لما كان أكلة دسمة لأسماكها....
تأتي الذكرى و دولة روسيا تستعرض عضلات قوتها فوق التراب الأوكراني أمام عجز حلف الناتو و تراجع قوة أمريكا التي أصبحت كالببغاء تجتر خطاباتها الوصولية علانية، بوعدها و وعيدها لكل العالم من منطلق أنها الدركي الامر الناهي المفروض بلغة القوة و التسلط...لتظهر لنا في صور الإعلام المرئي، و ضع المرأة الأوكرانية التي أرغمت بدورها على مغادرة ديارها نحو المجهول و اللامعروف...ليتجسد لنا بالملموس أن القوة العسكرية للدول العظمى كيفما كانت طبيعة ادعاءاتها و ايديولوجيتها، أكانت رأسمالية أو اشتراكية...مجرد تنميق كاذب، يرجى منه اخفاء حقيقة الطبيعة الدموية لأنظمتها القاتلة المتغطرسة، دون تقدير و لا إحترام لقيمة الإنسان الفعلية...و لا لرسالة وجوده الحقيقية...
تأتي الذكرى و الوضع السياسي العالمي ملغوم بكولسة القوي و بأسأدة قانون الغاب و بإنتكاس الجمال و شيوع القبح و الرداءة...و ليتعرى التناقض الشارخ في منظومة حقوق الإنسان لدى العالم الغربي لحلف الناتو الذي خرج بتصريحات عنصرية، من خلال تفضيلهم للاجئين الأوكرانيين على كل لاجيئي العالم العربي و الإفريقي و الأسيوي، من منطلق أن الأوائل بشر و الأخرين على ما يبدو غير ذلك... و أسفاااااه....
فمتى ستحل أيها الثامن من مارس و يكون العالم كله بخير؟ و متى ستحل و تكون كل الإنسانية و المرأة على وجه الخصوص، تنعم بالأمن و السلام؟ و متى ستأتي و تندحر الحروب و يعتقل كل قتلة الإنسان و يعاقب الجناة و الطغاة؟؟؟؟ و متى ستحل بيننا الذكرى و كل نساء الكرة الأرضية يتمتعن بإحترام مطلق لكينونتهن و تنتصر الإنسانية لهن؟؟؟؟؟
*) يكفينا يكفينا من الحروب و كل من يستثمر في التسلح عدو الشعوب...
*) يا أمة العرب أفيقي من سباتك و استرجعي مجدك الأبي...
*) كفانا من الدرك و البوليس وشيدوا المزيد من المدارس...
الكاتبة المغربية / نجاة زين الدين تكتب مقالًا تحت عنوان "متى ستنتصر الإنسانية للمرأة؟ ؟؟"
Post A Comment: