الكاتبة المصرية / رانية لبيب تكتب مقالًا تحت عنوان "في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق"
سعة الأخلاق كنوز الأرزاق وفي الحياة نياشين وضاءة ترى بالروح وليس بالعين يعرف بها أهل الفضل والمكارم.
فنجد من اعتاد على السماحة واللطف واللين، طبع بها خلقه، وتطوعت له جوارحه، وغدا بين الناس خفيف الظل، لطيف المعشر، حسن السيرة والذكر، قربه مُفرحٌ، وأحاديثه روضة، لا يجلس في مجلسٍ إلا وتكون كلماته منتقاةً عذبة، فهو لا يقف على الزلات ولا يتتبع الهفوات.
ومن اعتاد على القصور وتغذى على القشور تجده ممتلئً بالخواء، لا منطق له إلا المجادلة، ولا حجة له إلا الخصام،
لا تسره إلا هفوات الناس ومثالبهم، ولا تسعدهم إلا العيوب التي لا يخلو منها أحد، تجده غليظ القول، كريه المعشر، سيرته تسبقه بين الناس بالدنوّ والنقصان.
وفي ذاك قال ابن تيمية رحمه الله:
إن بعض الناس لا تراه إلا منتقدًا ، ينسى حسنات الطوائف و الأجناس و يذكر مثالبهم ، مثل الذباب يترك موضع البرء و السلامة و يقع على الجرح و الأذى ، و هذا من رداءة النفوس و فساد المزاج .
الإنسانية والفضائل لا تشتري فهما فطرة ونماؤها التربية.
هل بلغت من الكمال والتمام والفضائل حدّا ظننت به أنك منزّه عما يشِين،وأوحى لك الخيال أنك أكبر من أن تقترف ما ينفر الآخرين؟!
قلّب في صفحات تاريخك بإنصاف،ونبّش في ذاكرة الأيام،وحتما ستجد صحائف رمادية شوهت بها سجلك الأبيض ،ومع ذلك غفرها لك من تأبى أن تكون مثلهم في السماحة والطيبة والتجاوز.
نسيت ذاك الذي أحرجته؟وذلك الذي قسوت عليه؟وهذا الذي أسأت إليه؟وتلك التي أجريت دموعها؟وتلك التي أطفأت ابتسامتها؟!
كلهم غفر لك،وكلهم طوى صفحة الماضي بإحسان،وذرّ عليها نفحة نسيان،فما بالك أنت تأبى إلا أخذ حقك بطريقتك التي ترضيك،وتَرضَى أن يعفو عنك الناس وأما رضاؤك عنهم فليس بمرضيك!
حياة الإنسان مهما طالت قصيرة، وأيامه مهما كثرت لحظات، وتذكر أن عمر الحسرة أطول من عمر الفرحة، فلا تعش أول حياتك في غمرة، وآخرها حسرة.
فلا شيء في هذه الحياة يجلب الطمأنينة كالسلام مع النفس والناس ومن دون هذا السلام لا طمأنينة فيهم
يوماً بعد آخر ستدرك مع تقدم العمر أن لا عداوة باقية،ولا خصام يدوم،ولا تتوقع أبدًا أنها ستصفو حياتك مع كائنٍ من كان دون خلافاتٍ أو اختلافات.
الكاتبة المصرية / رانية لبيب تكتب مقالًا تحت عنوان "في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق"
Post A Comment: