الشاعر السوري / عبد الكريم سيفو يكتب قصيدة تحت عنوان "هويّة .. للحب القادم" 




 بعد مرور (41) عاما على هذه القصيدة التي انتشرت في ثمانينات القرن الماضي ، ولم يكن يعرف قائلها إلا قلة من الأصدقاء ..

أعيد نشرها


هويّة .. للحب القادم


منْ أين أبـدأُ ؟ كيف أبدأُ ؟ ليس يعْنيني السّبيلْ

فأنـا رحــــلْتُ  إليكِ , دون تقصُّدي دربَ الرّحيلْ

وتركْتُ  ألفَ إشارةٍ  تحكي بما قـــــــــالوا , وقيـلْ

لكنّني حـــــيـن التقيتُكِ , كنْتُ  ضيّعْتُ  الدّليــــلْ

          

مـاذا لعيدِكِ خبّــــــــأَ القلبُ المحبُّ , وما  نــــــــــذرْ

هـل  باقــــــةَ الأشعارِ , أمْ شوقاً كأنفاسِ الزّهَــــــــرْ

أمْ نســــــمـةً حملَتْ جنونَ  اليـاسمينِ مع  السّــــفرْ

مـا عُــــدْتُ أُومنُ بالهدايـا أنْ  تكونَ منَ  الحجـرْ

          


إنّـي أتيتُكِ أحمـــلُ القلبَ الهديّــــــــةَ , والجـــــــراحْ

فاستقبليني شاعــــــــــراً , خانتْـهُ أحــــــرفُـهُ  فنـــاحْ

أو فازرعيني حقلَ ريحـانٍ, يبوحُ  معَ الصّباحْ

مـا شئتِ ضمّيني, فعمْري قــد يسافرُ كالرّيـاحْ

          

منْ بين آلافِ النّســـاءِ , جعلْتُ  منكِ عشـيقتي

ونسجْتُ في غـزَلِ العيونِ على الزّمانِ قصيدتي

كلُّ البحــــــــارِ غزوْتُهـــــــــــــا , ومخرْتُهــــــــابسفينتي

ونهــايتي مثـل السّنونو , عــــــــــدْتُ حيث  بدايتي

          

كيف التجــــــــــأتُ إلى عيونِكِ بعـد طــــــــولِ تشــرّدِ

لا تسأليني , فالجــــــــــوابُ يجيئُ طوعـاً في الغــــدِ

كلُّ الحروفِ غرستها,وغـــــرستُ وجهَكِ في يـدي

كي تكتبيني , لحظـــــــــــةً , أُنشـــــــــــــودةً  لتمـــــــــرّدِ

          

لا تسـأليني مـــــا أحبُّ , ولا أحبُّ , فلا خَيـــــــــارْ

فات الأوانُ ومـــا عليكِ سوى المضيِّ إلى النّهارْ

هاتي يـديكِ , وضمّدي جرحي , مللتُ الإنتظارْ

فلقـد رسمتُ  بدايتي , ومسيرتي , والإحتضــــارْ

          

عمْـــــراً  قبلْتُ الحبسَ في عينيكِ , مثل العاشقينْ

وقبلْتُ أنْ  تبقي كسجّـــــــــانٍ , وأبقى كالسّـــــــــجينْ

والآن ضمّيني  حبيبـــــــــــــــــاً , وانثـريني يـاســـــــمينْ

وهُويّـــــــــــةً , وطنــــــاً يســــــــافرُ في عيـونِ الرّاحلينْ

          

مــالي أُســـــــــائلُ خافقي , بتهامسٍ , مـــــاذا فعلْتْ

من بعــــــــدِ عشقي للحياةِ , رأيتِني عمري رفضْتْ

وسكنْتُ  دنيــــا المتعَبينَ , وفي أغانيها استرحْتْ

لكنني يـا حــــــــــــــلوتي , أدركْتُ أنّي قــد أفــــــــــــقْتْ

          

هـذي حروفي تقتفي, في همسِها, ضوءَ الشّعاعْ

ويبـــــــــــــوحُ  دون إرادتي , بإرادتي هـذا اليـــــــــــراعْ

لمْ أستطعْ قتْـلَ الحروفِ ,  أو انصياعاً للرّعاعْ

أجــــريمةٌ حقـــــــــــــــــــاً بأنّي قـــــد رفضْتُ الإنصياعْ

          

 منْ صحْـوةِ الجــــرحِ  المضرَّجِ , قدّميني ســـــنبلـهْ

 وتيمّمي بتمــــــــــــرّدي  منْ غـــــــــــــفوةٍ مسْترْسِلـــــــــــــــــهْ

 فأنــا رفضْتُ بأنْ  أظلَّ  على السّــطورِ المهمَلهْ

 ونـذرْتُ أنْ تبقى حروفي, والقصـائـــــــــــدُ قُنْبلــــــــــــهْ

          

رحـلَ الخريفُ , ولمْ  يزلْ  يحتلُّنا هذا الخــــريفْ

وسفائنُ الحُـلُمِ الوليدِ  نأتْ , تفتّشُ عنْ  رغيفْ

كلُّ الشّــواطئِ عمّدتْني , فارتحلْتُ مع النّـــــزيفْ

وتركْتُ عنــــــــواني إليكِ , لتتْبعيني ذات  صيفْ

          

إنْ غــــبْـتُ عن عينيكِ يومـــــــــاً , خبّئيني أغنيـــــهْ

واستقبلي طَيْفي نشيـــــــداً , واحضنيهِ كأمنيــــــــــــــهْ

ولْتعْتقيني  للرّيــــــــــــــاحِ , وللجـــــــــــــراحِ المضْنيـــــــهْ

مــا ضرّني أنّي بيــــــــــــــومٍ , قد أكونُ الأضْحيــــــهْ

          

آنَ الأوانُ لصحْـوِنا , ولحُلْمِنـــــــــــــــا أنْ يســــــــــتفيـقْ

وبدأتُ في غرْسِ الشّـموسِ , لعهدِنا ذاكَ العتيقْ

هـا قد عرفْتُ الدّربَ للآفاقِ , واخترتُ  الـــــرّفيقْ

واخترتُ عينيكِ الجميلةَ , كي تشاركَني الطّريقْ

          

خلّي جـــــــــــذوري تستمدّ إذا تلاقينــــــــــــــــــا انتمــــــــــاءْ

فالموتُ , واللاموتُ في نظري, على حدٍّ سواءْ

ما عـاد  يغْريني الشّقاءُ , ولا مواصلةُ الشّقـــــــاءْ

إذْ طالمـا ذنْبي وذنْبُكِ , أنّنـا  نهوى الضّيـــــــــــــاءْ


السلمية  - 1981


الشاعر السوري / عبد الكريم سيفو يكتب قصيدة تحت عنوان "هويّة .. للحب القادم" 



Share To: