قراءة في المجموعة القصصية للكاتب المغربي عبد الله مرجان ( حب في مخفر الشرطة ) بقلم الكاتب و الإعلامي: محمد الصفى


 

عبر استعارات مفتوحة على عوالم مقتنصة دون روتوشات، عوالم منها المألوف و المرئي و منها الافتراضي، سافر بنا القاص والروائي عبد الله مرجان من خلال مجموعته القصصية "        " بحس أنطلوجي و تقنيات عالية في السرد القصصي يغلب عليها الأسلوب البديع المتميز بعنصر التشويق الذي يشد القارئ و يحقق متعة القراءة.

     إننا نلامس في هذه المجموعة القصصية متنا سرديا يتنوع ما بين القصة القصيرة و القصة القصيرة جدا و القصة الومضة، يلتقي في تقنية القص، المتجسدة في المفارقة و التكثيف و التجسيد و التناص و المقاجأة و الدراما و الحوار و السخرية مع اختزال الكرنوطوب الزمكاني، بسلالة لغوية و صدق العاطفة القصصية، سيما فيما يخص المعالجة الفنية.

     واحد و ثلاثون قصة مختلفة الأحداث و الوقائع، تتوزع شخصياتها بين القروي و الحضري، الأمي و المتعلم، العاطل و العامل، الخصب و العاقر، المتزوج و الأعزب، الخير و الشر... مجموعة تتشابك فيها الأحداث و تتداخل ما بين الواقعي و المتخيل ليبقى الخيط الرابط بينها هو الواقع المعاش للإنسان و صراعه مع الحياة من أجل البقاء، نصوص قصصية تجسد أحيانا الوحدة و العزلة المدمرة مع الحاجة و الضرورة إلى ربط العلاقات الإنسانية كما في " الوحدة شيطان مارد "، و أحيانا تسبح بنا في يم المعاناة و المآسي كما كان الحال في " دمعتا حزن " مع الطالب الجامعي الذي تبخرت أحلامه و خاب أمله في هذه الحياة، فيما يبقى الحلم حق مشروع لدى الكاتب فقد يتحقق و قد يخيب كما في " العاقر " و التي تبرز إحدى الظواهر الاجتماعية المتجلية في الاعتقادات الخاطئة و المدمرة و التي راحت ضحيتها تلك العاقر التي كانت تمني النفس بمولود يسعد الزوج المتسلط نتيجة الأعشاب التي تناولتها، أو من خلال قصة " أم البنات " الزوجة التي لجأت إلى إحدى الأضرحة بقصد طلب الابن الذكر لتجنب الطلاق و لإرضاء زوجها الذي لا يؤمن بكون جنس المولود لا تتحكم في المرأة بقدر ما يتحكم فيه الرجل، أما في " حلم يتبخر " فهي رومانسية عابرة لم يكتب لها التحقق و حلم رحلة للفردوس المفقود الذي لم يبلغه بطلها بقدر ما بلغ الفردوس الأعلى تحت أعين صاحبة رقم الهاتف، إلى جانب قصص أخرى تصور لنا الخيانة و الغدر في أسمى تجلياتها " غدر " " أعداء من نوع خاص" " مشاهد " ، كما نلامس في مجموعته هذه أن القاص عبد الله مرجان لم يفوت الفرصة و هو يسرد لنا أحداثا ووقائع من زمن  كورونا اللعينة " الوسواس " " نشرة الأخبار " " المنحوس " " كريكيسة القايدة " مجسدا صور بصرية دقيقة عن المرحلة موازية للواقع الذي عاشه أبطالها، منصهرا في تفاصيلهم و كأنه كان يعيش بينهم، مزكيا بذلك ما قاله الكاتب زكي مبارك في مؤلفه " الأديب " ص 7 " أن الحياة هي كتاب الأديب، فالأدب يجب أن يكون من وحي الحياة و أنه من الضروري أن تعيش الحياة حتى تكتب آيات الوجود " .

      إننا نتلمس من خلال هذا العمل الإبداعي للقاص و الروائي عبد الله مرجان روحا شفافة و موهبة مجتهدة تجعل الفكرة القصصية تسري بين عروق جسد الكلمات بكل دفء حتى تأخذ امتدادها و تشكلها، مجموعة قصصية جديرة بالقراءة و التمعن في دلالاتها و مغازيها، كما أنها تبشر بقاص قادم في درب القصة القصيرة و القصيرة جدا .



قراءة في المجموعة القصصية للكاتب المغربي عبد الله مرجان ( حب في مخفر الشرطة ) بقلم الكاتب و الإعلامي: محمد الصفى 

Share To: