الشاعر المغربي / عبد اللطيف ديدوش يكتب : في ذكراه ( التاسعة عشر )



- أبي -


أبي سليل حلول بين فحولة جبل و خصوبة الأرگان

لم يمت بريح السموم

لم يسقط بمغناطيس الجاذبية

لم يذو من فرط النضج أو الذبول

أبي تناثر ذات شباط سمادا حول الجذور...

بعضا من أبعاض الأرض...

شرارة من شرر المطلق المتعالي...


أبي الذي تغمد جلبابه الداكن

الذي تعمم عمامة بحجم الكفن

انتعل ذات انزياح فجا إلى وطن تحت جزمة سوداء 

لم يلتفت لحقول البور

لم يودع خروبة بجوار البيدر

لم يغلق باب الدار على غارات الليل 

لم يطمر بئرا كانت جرعة للعطش 

لم يسحب المفتاح من باب المضافة...


أبي لم يكن نبيا

لكنه تنبأ بجبروت الأشياء

قال لي ذات زمن بالأبيض والأسود

سيأتي عليكم عهد تكونون فيه تحت رحمة الأزرار

تقتنون الهواء من الصيدليات

تأكلون الأقراص 

تلبسون الأسمال

وتخوضون حروبا ضد المجهول 


أبي على قبرك

كفرت بالقبل والبعد

دفنت الطين في الطين

وواريت طيفك كبدي...

كبرت وكبر التشظي

انشطرت إلى ضدين

كيف سينسلخ الآن ولد عن والد؟؟؟


أبي نم في سرير الأبد

كن نواة ...

شتيلة أو سماد

انثر أملاحك في الأرض

كن نبات قراص أو لبلابا...

عوسجا في أصيص الغياب

أزهر في سفح أو في واد...

أفرغ على المدى ظلا من نباتك والعناب

فأبعاضك حيرى تائهة على التراب...




الشاعر المغربي / عبد اللطيف ديدوش يكتب : في ذكراه ( التاسعة عشر )


Share To: