الأديب والمفكر المصري د. طارق رضوان جمعه يكتب : قراءة أدبية في النُصب التذكارية  ..Between Georgia And Stonehenge 


  


يقول الله تبارك وتعالى في سورة الأنفال‮ «وَإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ» (الأنفال03). فمن هؤلاء الذين‮ ‬يمكرون كل هذا المكر؟ وعلام كان مكرهم؟ وما قصة هذا المكر؟‬‬

المثل اللاتيني الشهير يقول إن الحقيقة هي وضع متوسط بين تطرفين، وهذا يتسق مع مقدمة الحديث، التاريخ ليس مؤامرة بالكامل، ولا فردوساً للأطهار بالمطلق، وفي المنتصف حقائق وأكاذيب، وشعوب تفقد حياتها في مباراة غير متكافئة على خريطة الشطرنج الإدراكية الأممية.

تُرى من هو ذلك الشخص  الغامض بولاية جورجيا الذى أنفق المال العظيم لإنشاء نُصب تذكارى يحمل على أعمدته وصايا عشر، تهدف إلى إبادة 5و6 مليار نسمة؟ وكيف صمم هذه الرسومات الهندسية التى تثير الشك ؟ من الذى يوصي بحكومة عالمية واحدة ودين واحد ولغة واحدة وإلى إلغاء الأديان والثقافات والشعوب واللغات ؟ وما هى الوصايا العشر؟

الوصايا المنحوتة على أعمدة هذا النُصب، وصايا مخيفه،  يعتبرها البعض تمهيداً لظهور المسيخ الدجال ونهاية العالم فهى تدعوا إلى:

1- ابقوا الجنس البشري أقل من 500 مليون نسمة.

2- تناسلوا بحكمة لتحسين اللياقة والتنوع.

3- اجعلوا للبشر لغة موحدة جديدة.

4- تحكموا بالعواطف (العقيدة والتقاليد).

5- اجمعوا العالم حول قوانين عادلة ومحاكم منصفة.

6- دعوا العالم يحكم نفسه وصفوا المنازعات الخارجية في محكمة عالمية.

7- لا تسنوا القوانين التافهة.

8- عادلوا بين الحقوق الشخصية والواجبات العامة.

9- اظهروا الحقيقة والجمال لتنسجموا مع اللانهاية.

10- لا تكونوا كالسرطان في الأرض واتركوا مساحة للطبيعة.

"أحجار جورجيا الغامضة".. نصب تذكاري مكون من 6 أحجار رُفع عنه الستار عام 1980، وارتبط اسمها بنظرية "المؤامرة" التي تتحدث عن تحكم جماعات غامضة تسيطر على العالم أو تحاول ذلك. هذه الإرشادات كُتبت بثمان لغات هي "العربية والعبرية والإنجليزية والروسية والهندية والسواحيلية والإسبانية".

ولكن ما السر في رقم الـ500 مليون كتعدادٍ للبشرية التي تزيد الآن عن 7 مليارات نسمة، التفسير المنتشر بين مناصري نظرية المؤامرة يشير إلى أن من يتحكمون بالعالم يحلمون بالوصول لهذا الرقم عن طريق حرب عالمية كبرى تدمر الجزء الأكبر من الجنس البشري ليصلوا إلى النظام العالمي الجديد الذي يعملون من أجله.

وجدير بالذكر إلى أن الأحجار الأربعة تشير بوضوح إلى دورة الانحراف القمري كما يوجد بها فتحة يمكن من خلالها رؤية نجمة القطب الشمالي بوضوح وأخرى تسمح بمرور أشعة الشمس منها ظهر كل يوم، الأمر الذي يلقي بمزيد من الشك حول طبيعة الأحجار والغرض الأصلي من بنائها.

تم ضبط دفتر غرانيت إضافي على مستوى الأرض. يحدد هذا تركيب الهيكل واللغات المستخدمة فيه، ويسرد حقائق مختلفة عن الحجم والوزن والسمات الهائلة للحجارة، والتاريخ الذي تم تركيبه فيه، ورعاة المشروع. كما أنه يتحدث عن كبسولة زمنية مدفونة تحت اللوح، لكن المساحات الموجودة على الحجر المحجوز لتعبئة التواريخ التي دفنت فيها الكبسولة والتي سيتم فتحها لم يتم تسجيلها، لذلك ليس من المؤكد ما إذا كانت الكبسولة الزمنية قد وضعت في المكان.

أما أغرب الأشياء في هذا البناء فهو الحديث عن كبسولة زمنية مدفونة تحت اللوح المتوسط، بها تواريخ ترتبط بمسيرة الإنسانية، الأمر الذي يعيد للأذهان قصة الفيلم الأميركي الذي أخرجته هوليوود للعالم عام 2009بعنوانKNOWING  من بطولة الممثل الشهير نيكولاس كيدج.


عليك عزيزى القارىء أن تفرق بين الحقيقة والوهم  وتربط بين ألواح جورجيا الغامضة ومقررات لوغانو المتطرفة ومشروع "لقاح بيل غيتس"

وأضحى الجميع في حالة تساؤل مستمر: هل كورونا هي الفصل المكمل والمتمم للمؤامرة الكونية، أم أنها استراتيجيات الأقطاب الدولية الكبرى، تلك التي تعمل جاهدة للحفاظ على مكتسباتها التاريخية؟

 وحتى لا يتهمنا البعض بأننا نروج لغموض، أو نثير الذعر، عبر تبني نظرية المؤامرة، دعونا نتفق على أن 

العلاقات الدولية صراعات وقوى، ومصالح تمارس فعلها بالنار، وتندفع إلى سباق الحياة بأقصى سرعة يسمح بها العقل والعلم، وهي تجرب فرض إرادتها بكل الوسائل علناً وسراً، وفي اللحظة عينها يصعب إطلاقاً اعتباره فردوساً  للأطهار.

ما نحن بصدده الأن يدور حول فكرة "الداروينية الاجتماعية"، وهي النظرية التي ظهرت في المملكة المتحدة وأميركا الشمالية وكذا أوروبا الغربية في سبعينيات القرن التاسع عشر، وتدعى تطبيق المفاهيم البيولوجية للانتخاب الطبيعي والبقاء للأصلح، على علم الاجتماعي والسياسة.

بالقرب من الأحجار الغرانيتية الضخمة هناك بلاطة على الأرض منقوش عليها العبارة المثيرة التالية: LET  THESE  BE GUIDESTONES TO AN AGE OF REASON  أي: لتكن أحجار هذا النصب السبيل إلى عصر الرشد.

لكن عن أي رشد يتكلم صاحب الألواح المثقبة بثقوب تتقاطع والنجوم والكواكب، والشمس والقمر، ما يدلل على أن الأمر أهم وأخطر من كونه "أداة فلكية ضخمة" 

"الضباب الأحمر فوق أميركا" عمل استغرق من مؤلفه "وليم غاي كار"، أحد أفضل الكتاب والباحثين الغربيين، الذين غاصوا عميقاً جداً في أسس بناء الولايات المتحدة الأميركية ، 35 سنة من البحث في حال المؤسسات القومية الأميركية، أدرك فيها أن هناك من يتبنى في الداخل الأميركي فكرة الحكومة العالمية الموحدة، كدرب وحيد لحل الخلافات الاقتصادية والسياسية والدينية.

هناك توجهات يراها البعض حول العالم مثيرة للتساؤل، تجري في الداخل الأميركي وتدور حول نقطتين:

أولاً: الأسباب الرئيسية وراء تحول نشاط رجل مايكروسوفت الأشهر "بيل غيتس" من مجال عالم الكمبيوتر والبرمجيات الذي جعله من كبار أثرياء أميركا والعالم، إلى الاستثمار في مجال اللقاحات الطبية.

هنا يحدث ربط ما بين تصريحات بيل غيتس عن ضرورة تطعيم كل سكان العالم ضد وباء كورونا، وبين فكر رجل الاقتصاد "روبرت مالتوس"، الباحث الإنجليزي الشهير في أواخر القرن التاسع عشر، والذي لفت النظر إلى أن سكان العالم يتزايدون بمتوالية هندسية (2، 4، 8، 16) في حين أن موارد العالم تتزايد بمتوالية عددية (2، 4، 6، 8)، بالتالي فإن موارد الكوكب لن تكفي الجميع، ولكي يحافظ الأغنياء على حياتهم ومواردهم بنفس النمط والمعدل من الوفرة والثراء، فإن أعداد سكان العالم يجب أن يتم التحكم فيها.

هل تقودنا وصايا ألواح جورجيا الغامضة، والأغرب منها توجهات بيل غيتس وشركاه، إلى قناعة ما بأن كورونا هي الخطوة التمهيدية لما بعد النظام العالمي الجديد، ذاك الذي بشر به جورج بوش الأب في أوائل التسعينيات بعد انهيار الاتحاد السوفياتي؟.

كانت هناك جماعة أخرى من الخبراء من أنصار اليمين الأميركي ومن لف لفّهم من أوروبا، يلتقون في مدينة "لوغان" السويسرية عام 1996، ليبلوروا مشروعاً من أجل الحفاظ على سيطرة الجنس الأبيض على العالم.

وثقت "سوسان جورج" مدير شؤون الشرق الأوسط في الأمم المتحدة في تسعينيات القرن المنصرم، ومساعد مدير المعهد عبر القومي في واشنطن، قصة هذا التقرير في كتاب شهير لها يحمل عنوان The Lugan Reort "تقرير لوغانو... الحفاظ على الرأسمالية في القرن الحادي والعشرين".

التقرير هو خلاصة نتاج عمل بحثي لعقول سياسية وعسكرية، استخباراتية واقتصادية، سكانية وبيولوجية، وقد جاءت النتيجة في نهاية الاجتماع لتفيد بأن الرأسمالية في صورتها الليبرالية الآنية، لن يقدر لها أن تبقى على حالها هذا لفترات زمنية ممتدة، طالما بقيت أعداد البشر تتزايد على هذا النحو الذي نراه، الأمر الذي لا بد معه أن يتم استنزاف موارد الكوكب الأزرق، ومصادر الطاقة، والتلوث البيئي، تلك التي تحمل الاقتصاد العالمي ما لا يتحمله، ولهذا فإن الحد من تنامي الأجناس الأخرى قد يكون هو الحل، حتى يستقيم الوضع الاقتصادي العالمي بخلاصه من الأفواه الجائعة... هل خطوط تقرير لوغانو ترتبط بحبل سري مع التوصية الأولى المحفورة على الغرانيت في ألواح جورجيا، والتي تشير إلى ضرورة إبقاء سكان العالم عند حدود 500 مليون نسمة وفي توازن مع الطبيعة بشكل دائم؟

الخلاصة القاتلة عند جماعة "لوغانو"، كالتالي: "لكي نصل إلى هدف 4 مليارات في عام 2020، لا بد من أن ينخفض سكان العالم بمتوسط يبلغ 100 مليون نسمة كل سنة لمدة عقدين، وينبغي أن يحدث تسعة أعشار التخفيض أو أكثر في البلدان الأقل تطوراً، وينبغي بذل الجهود في كل من زيادة الوفيات، وتخفيض الخصوبة بنسب تختلف مع الوقت والفرصة"... هل كان لأصحاب هذا التقرير أن يغفلوا الصين في قراءتهم ذات التوجهات العنصرية الأشد فتكاً من رؤية هتلر والنازية وموسوليني والفاشية؟

لكن هل سألت نفسك لماذا الفيروس المزعوم ظهر في الصين وليس أى بلد أخر؟

على الصين أن تخفض عدد سكانها من 1.2 مليار إلى 800 مليون وحجم هذه المهمة مذهل... هنا على القارئ أن يتنبه إلى الجملة التالية بحسب نص التقرير: "سيكون على الصين أن تخضع بشكل ما لاستراتيجيات الحد من السكان".

لاحظ  أن الصين الآن أكبر منتج للحبوب، ولذا فإن مجاعة من النوع الذي قتل نحو 30 أو 40 مليون نسمة في أوائل الستينيات ليست خطراً جدياً.

من جهتها فقد بدأت الصين ما تسميه سياسة الطفل الواحد في عام 1979، وساعدت على بقاء الوهم في العالم الخارجي بأن هذه السياسة تنفذ بالفعل، لكن هذا بعيد من الحقيقة، وبخاصة في المناطق الريفية، وقد يكون على موظفي الحكومة اتباع القواعد، لأن من السهل عقابهم، لكن عشرات الملايين من الأسر الريفية لا تولي اهتماماً كبيراً للمراسيم الحكومية، فالجبال مرتفعة والأمبراطور بعيد، كما أن للمسؤولين الحزبيين مصلحة كبرى في الإبلاغ عن انخفاض معدلات المواليد في أقسامهم... فهل كورونا هو بديل آخر لتخفيض عدد سكان الصين؟

ولكن من حكام العالم الجدد؟

حكام العالم الجدد هم أولئك الذين تتسق رؤاهم للعالم، مع وصايا ألواح جورجيا ومقررات "تقرير لوغانو".

يعد النصب، المعروف باسم نصب جورجيا الإرشادي أو نصب جورجيا الغامض، بمثابة تقويم فلكي أيضًا، وفي كل يوم عند الظهر، تشرق الشمس من خلال فتحة ضيقة في الهيكل وتضيء تاريخ اليوم. بالإضافة إلى فتحة يمكنك من خلالها تحديد النجم الشمالي. 

كما قد أعلن راعي كنيسة محلي بجورجيا يوم كشف النقاب عن النصب، أنه من عمل الشيطان بسبب مظهره المشابه لستونهنج، وهي أثر ضخم مصنوع من الحجارة الضخمة في بريطانيا ويعود عصر إلى أواخر العصر الحجري. بينما يعتقد البعض أن تكون رسالة من نبوءة حكيمة، وربما عمل لرجل علم غريب الأطوار، غير أنه –وبشكل ثابت- محفور على النصب “الرعاة: مجموعة صغيرة من الأمريكيين الذين يسعون إلى عصر الرشد.”





الأديب والمفكر المصري د. طارق رضوان جمعه يكتب : قراءة أدبية في النُصب التذكارية ..Between Georgia And Stonehenge 



Share To: