الأديب العراقي /د. نعمه العبادي يكتب :الأيدلوجيا والمعرفة.. فوارق المحتوى والمآلات




تشتغل الايدلوجيا بشكل محوري على (التعبئة)، فهي تنشد الارتباط العضوي الملتزم، وتقدم خطابا تعاقديا قائما على اساس انها تتضمن (الكفاية) من حاجات الانتماء والعضوية التي تربط معتنقيها في اتجاه محدد يتعنون من خلالها المنتمي.

تقتضي (التعبئة) الاشتغال على التحشيد، وهو فعل يتجاوز الاقناع، بل يسد الطريق على المنتمي في البقاء ضمن مجال التفكير في القناعات، ويسحب المنتمي الى حقل الدفع والاندفاع في خط التحشيد.

تقدم الايدلوجيا نفسها على انها احادية متفردة حتى وان كانت نتاج لتحولات ايدلوجية سابقة، وترفض امكانية التعدد، كما، انها، تتضمن ضرورة تجسدها في الواقع عبر تمظهرات مشخصة، وغالبا ما تحضر وكأنها النجادة الاخيرة في بحر هائج.

في العادة، يتلقف الايدلوجيات، المتحمسون للتغيير، والباحثون عن الانتماء، والساعون للعب دور ما في الحياة، والمهوسون بالتعبئة، والانفعاليون مع ثيمة الخطاب قبل البحث في ما ورائياته، وقد انخرط خلق كبير ضمن هذه العناوين في جملة ايدلوجيات خصوصا في القرن الماضي وبداية قرننا الحالي، وهو زمن زهو بل الموسم الاكبر على الاطلاق لظهور الايدلوجيات.

راهنت الايدلوجيات على انها حصانة الاوطان ومصدر سعادة الانسان إلا انها واقعا انتهت بخراب الدول وانتاج تجارب اقبح من القبح للحكم، وشظت الانسان وجعلته رهين انقسامات بددت كل طاقاته وامكاناته.

تقف المعرفة في الضد من الايدلوجيا، فهي تنشد (التفكير) وتشتغل على زلزلة السكون تجاه كل القناعات غير المحصلة من طرق منطقية.

المعرفة غير معنية بالدرجة الاساس بالحلول بقدر اهتمامها بتفكيك العلائق بين الاسباب ونتائجها، كما انها، تقبل التعدد، ونادرا ما تقدم نفسها كنظرة خلاصية.

كلما كان الانسان معرفيا ابتعد عن الايدلوجيا، واصبح اكثر وعيا لماورائيات الخطاب مهما كانت الثيمة التي يقدم بها.

السؤال الاهم: عالمنا المعلول وواقعنا المضطرب، هل يحتاج الى الايدلوجيا ام المعرفة؟ واذا كانت المعرفة هي الحل الامثل، فمن اين نبدأ، وبماذا نبدأ، وكيف نبدأ؟

رموز الايدلوجيات ابطال تألفهم ثقافة الشرق، فيما رموز المعرفة عقول غالبا ما يصنفهم، الهوس الايدلوجي، بأنهم يتحركون خارج التاريخ.




الأديب العراقي /د. نعمه العبادي يكتب :الأيدلوجيا والمعرفة.. فوارق المحتوى والمآلات



Share To: