الكاتبة المصرية / دينا عوض تكتب "سآتي في ربيع آخر" 




في أيام مطمئنة، وقصة تشبهني، لا يفترضها واقع أليم، ولا طريقٍ مسدودٍ، إلي جهة لا تقرأ التعب في عينيّ، رغم تلك الندبات التي وحدي أراها، و لا أستطيع محو ذكراها، ولكنها- علي أية حالٍ- شكّلتني، وبيد لي أنني لا أستطيع تغيير الأقدار، ولكن أستطيع الخضوع لقوة عظمي، أسميها حكمة الله، لست ممتنة للألم الذي عشته، فصرت أكثر كآبة، وأكثر واقعية، أردت أن أغزل خيوط الطفولة في أزقة الواقع، وازينها ببهجة الأحلام، أستطيع أن أبكي وأضحك كالأطفال، لكن الآن أنا ناضجة، كل تلك المشاعر أصبحت شيء واحد، صلابة نفسية تقاوم ما تحب، وتتحمل ما تكره, وفي كل نقاط الواقع تتصادم بعض من ذكري الأمس، فتجهش عيني بالبكاء، نقاط عمياء تبلغ أقل من الثانية، فتفعل ما تفعله الفراشة..

وغالبًا ما ستتصادم بتلك النقاط، ستتقاطع معها في كل اشتياق، وفي كل وحدة، وفي كل شعور يلامس تلك النقاط العمياء داخلك، 

أمتّن للحظة التي أخترت فيها الصمود، والغربة التي اختبرت جسارتي، وهلعي، والوحدة التي اختبرت قوتي، وضعفي، 

و الصداقة التي اختبرتها في نعمتها، وشرّها 

والحب الذي لم يخلق ليكتمل، والروح التي ضاعت، ولم تعود، والفراغ الذي أجتاحني، والظلمة التي زارتني في هذا الطريق الطويل، والحزن الذي أثقل قلبي، 

والرياح التي تأتي بما لا أتمني، ولكنه حال الدنيا ..

لطبيعة الأمور لو تصدق في زوالها..، فأفلت قبضتك الحائرة، وأنظر إلي الفضاء، واستمع إلي الأسباب، وإن لم تجد، فاخضع إلي قدر الله..، ورغم افتقار الأمل في قلبي ،انتظر الغد..لأجل شعاع واحد من النور، ليشع مضيئًا من خلال الندبات، 

سأتذكر ربيعي، حين تذبل الزهور، وتهب الرياح، حين ألامس القيعان، سأتذكر أنني من رصّعت سماء الأمس، وبذاكرة قاسية، وأحلام مبتورة، مازال هناك قلب يحلم من جديد، و بإلحاح افتقاري، و مصارعة فتور عزمي ؛ أمد يدي إلي القدير، وتلك هي الرحمة الخفيّة، وبهذا الإيمان أُكمل، وحتي تنتهي فصول الكدر، سآتي في ربيع آخر..




الكاتبة المصرية / دينا عوض تكتب "سآتي في ربيع آخر" 



Share To: