الكاتبة المغربية / وجدان بودادن تكتب مقالًا تحت عنوان "فلسفة الحياة"
هوّة فاصلة بين الحقيقة و الخيال، وجوه عجوزة ذات محتوى طفولي، و "آمور فاتي" للفلاح المبكر، ماذا نقصد هُنا؟! كان الفيلسوف الألماني "فريدريك نيتشه" من أكثر الفلاسفة متعةً في التاريخ، رغم أن انتقاداته للدين و الأخلاق باتتْ حادة نوعاً ما، لكن بعض أفكاره كانتْ منطقيةً و قابلة للتطبيق، سنقفُ عند حل مُناسب بإمكانه تغيير العقل الصغير و الإيمان الضعيف، أخبرنا عنه "فريدريك نيتشه" عندما تَعجب المرء له و طَرح السؤال عنه، إنه "حب القدر" الذي يُسميه "فريدريك نيتشه" ( Amor Fati آمور فاتي)، معناه واضح و الغاية منه إيجابية، على المرء أن يَتقبل قدره بخيره و شره، أن يُواجه الحياة بكل ما تَتضمنه من لحظات قاسية أو مفرحة، و أن يَرتاح داخلياً لأن الأمر كله بيد الله سبحانه و تعالى، لكن هُناك شيء عظيم يَنقص بعض العقول و يَكسر قواعد الحياة الحالية، لماذا لا نكبر؟!.
يَحتوي العالم على كمية ضخمة من الأطفال الكبار و المراهقين الكبار، و البعض من الأشخاص الناضجين لا يزالون في مُقتبل العمر طبعاً لأن النضج لا علاقة له بالسن بل بالمبادئ، فالشخص الناضج وحده من لا يَدخل في معركة السلوكات غير الأخلاقية، لأن لديه قاعدة بسيطة تُخبره أن الأخلاق هي تقييم للذات، أي من يُدرك تماماََ الصحيح من الخطأ رغم التكرار، أيضاََ هو الذي يُركز فقط على الأهداف المتجهة نحو النجاح و ينسى التفاهة العائدة نحو الفشل، هو من لديه في أفكاره و وجدانه القبول غير المشروط بالحياة كلها و بالتجارب جلّها، و هو من يَصمت أمام فظاظة السفيه، لأنه يعلم جيداََ أن النضج ليس فقط كلمة تُنطق لكسب الغرور المنمق بالنرجسية، بل كلمة تُقاس بمعايير رفيعة تحدد صنفك و قيمتك منها الأخلاق، المبادئ، الرقي، التجاهل، الاستقلال، الوعي، الإدراك، و الثقافة الخاصة قبل العامة، فكل من يُوجِّه انتقاداََ أو سلوكاََ غبياََ أو حديثاً فارغاََ إلى الناضج ليس إلا شخصاََ ضد النضج، و حتى يَنمو لا بد له من إدراك متسق للذات مع الاعتماد على النفس و ليس على الآخرين، أيضاََ الفضائل للارتقاء، أما "النضج الحقيقي هو إتقان مستفز لفنون اللامبالاة".
في حديثنا السابق حول "آمور فاتي Amor Fati"، ثم النضج الحقيقي، أظنُ أن الأول له علاقة عميقة بالثاني، بحيث لا يُمكن لأي شخص كيفما كانت نمطيته أو عقليته أو بيئته، تَقبُّل حقيقة قدره بخيره و شره و العيش معها دون نضج، و هذا ما يَنقصنا في الوقت الحاضر، رغم أنه يُوجد القليل من العقول الذكية تُحاول نشر العلم و المعرفة الحقيقية حول الدين و الدنيا، إلا أنه تُطاردها الكثير من العقول الفارغة سَخرت من الأساس و نَسيت الغاية، لا أعلم! تَختلف الأسباب من شخص لآخر و تَتكاثر الأسئلة حول ما يحصل في الكرة الأرضية، هل هو واقع مر جَعل الإيمان ضعيفاََ؟ هل هي تفاهة مطلوبة جَلبت المال و الحظ؟ هل هو بشر سار في طريق مناسب له؟ أم كلها مجرد أعذار سخيفة سَيطرت على المرء حتى نسي الفرق بين الحقيقة و الوهم؟!..، لن نَذهب بعيداً، فالبشرية بإمكانها استخدام المنطق و إطالة المجهود، ما علينا سوى مشاركة الصحيح و الباقي يخصهم، أعتقد أنه سيأتي يوم لا يُمكن فيه "اشتقاق ينبغي من يكون".. (قانون ديفيد هيوم) .
الكاتبة المغربية / وجدان بودادن تكتب مقالًا تحت عنوان "فلسفة الحياة"
Post A Comment: