الكاتبة السودانية / إيمان محمد أحمد تكتب نصًا تحت عنوان : محاربي السرطان: Cancer Warriors



_مرحباً...

أُدعى ماجدولين صبية تقُف على أعتاب الثامِـن عشر خريفاً، لم يعُد العُمر فارقاً بالنسبة لي حاولتُ كثيراً أن لا تكون هذهِ نهاية رحلتي مع مرضي اللعين بلا لقاء وبلا أي كلمات تُرسل حاولتُ التمسك والصبر ولكنني وقعتُ في الهاويه السوداء المليئة بالخيبه التي لا تزول كمواقع وجع سـرمديه، بدأ الأمر في خريف الخامس عشر مِـن عُمري لن أنسى ذلكَ اليوم أبداً حين كنتُ جالسه وحيدةً على مقعد في صالة الأنتظار وتأخر الطبيب في إستدعائي فغشتني رياح الخوف والقلقل، وما هي إلاّ لحظات وخرج الطبيب وهو يشيحُ بوجهه عني قائلاً لي :( تم تشخيص المرض والنتيجة كانت كتلة سرطان في الثدي المرحلها الثالثه )!، في تلكَ اللحظه سمِـعتُ دقات قلبي بأذني خارج جسدي من هول الصدمه وشاح وجهي بالظلام جزعتُ وبكيتُ كثيراً حتى تورمت جفوني ثم قلت: " هذا إبتلاء من عند ربي وأن الله يحبني كثيراً لأن الله إذا أحب عبداً إبتلاه".

باشرتُ بعدها للعلاج بالأشعه ثم العلاج الكيمياويّ، وقرر الطبيب أن يجري عملية إزالة للثدي منعاً من انتشار السرطان في بقية أجزأ الجسد، وكانت هذهِ نقطة فاصله تُحدد مصير حياتي حتىٰ أخذت ملامح الموت تبدو على وجهي منذ الوهله الأولى وتساقط حاجبي الكثيف وشعر رأسيّ وكان أصعب شئ واجهته بعد صراعي مع المرض اللعين الذي لم يرحم ولو شعرة مني، وبعد مضي مدة قليله من العلاج الكيماويّ أستسلمتُ للمرض وأنتهى بي الأمر في وحدة  العنايه الفائقه خاضعه لنصف بروتوكول العلاج لعملية إستئصال الثدي وثلاثه جلسات كيماويّ، وبعدها اكملت عملية الإزاله على أتم وجه ولكن الأوجاع الجثمانيه الأخرى لم تغادر جسدي ولم تكن لدي القدره على ألتقاط أنفاسي وتدهورت صحتي النفسيه والجسديه وأربكني اليأس وتصور الجميع أن أمري أنتهى وفقدو الأمل، رفعت الراية البيضاء مُعلنه إستسلامي أمام معركة التعب والألم وأحكم اليأس قبضته عليَّ  ولم أستطِع التأقلم بجسد ناقص لولا تدخل نسمات بارده من كلمات والدتي لتدفع بي للتصدي للألم وإستكملت مشوار مقاومتي، وبعد مرور بضعة أسابيع خرجتُ من المشفى بشكل مؤقت وكان الهواء ربيعيّ جميل ببرودته المُنعشه وضوء العصر يبهر العين بلونه السماوي، شعرتُ بالقوة وكأن الحياة عادت لي من جديد فيما كان الناس م

مُتعجبين من شكلي ومظهري بعد الخروج من معركة فقدت فيها جزء من جسدي وكان الموت فيها أحب إلي من هذا العذاب، والسواد الذي يقبعُ تحت عيناي وجمجمتي الكبيره التي بدون شعر تحكي تاريخاً حافلاً بالمواجع، أحسستُ بالحرج وتظاهرت لبرهة بالتلاهي عن ذلك حتى تأقلمت، وبعد صراع دام أشهر مع المرض اللعين بحمدالله وبنصره شفيتُ وتعافيت وتطوعت لمؤسسات لرعاية مرضي السرطان ومنظمات للتوعيه بسرطان الثدي فهي كانت ومازالت حاضنه وداعمه لي ولكل شخص مصاب أو ناجي من الكانسر... وتنتهي قصتي هكذا.


الكاتبة السودانية / إيمان محمد أحمد تكتب نصًا تحت عنوان : محاربي السرطان: Cancer Warriors



الكاتبة السودانية / إيمان محمد أحمد تكتب نصًا تحت عنوان : محاربي السرطان: Cancer Warriors





Share To: