الكاتبة السودانية / ندى حيدر تكتب نصًا تحت عنوان "تحت أنقاض الرحيل"
مهووسة بالفراق قبل التعود ،مصابة بإضطرابي المفرط ،لاأملك هويتي ؛فهويتي ضائعة بين أقنعة الأشياء المتساقطة حولي ،معقدة جداً رغم بساطتي ،مترددة دائماً وخائفة ؛خائفة جداً
أخاف الرحيل قبل القدوم، الوداع قبل اللقاء، أخاف التشبث كثيراً، تربكني حوجتي للآخرين، وتضطرب مهجتي عند الاشتياق، لا أتمسك بأحد ولم أجرب معنى أن يتمسك بي أحدهم..
جهولة بشعور البقاء؛ أن تأمن قرب أحدهم دون وداع!!
ـــــــــــ
الحب، الشوق، اللهفة، التعلّق، الشجن وليالي المحبين الطوال..هي أشياء لها وَقْع من الرهبة في نفسي كلما استذكرتها يخطر بمخيلتي الفراق، الوداع، والنهايات..
نعم! أنا سيدة النهايات حتى وإن لم تكن هناك بدايات، أنهي رغبتي في الشعور، في تعمق الاحساس بالأشياء حولي، يقلقني إلحاحي الشديد على الحضور، وتقتلني التفاصيل، أخاف أن أسقط سهواً.. عفواً! بل حباً..
الحب!!
ذاك الغرور الشديد بالبقاء، الإفراط في التمني، الثمالة بالشعور والرغبة؛ السذاجة بتطييب سوء الآخر ونبذ المنطق؛ إنه أسطورة ولعنة ما أن يصب هدفه فيك سيحكم قبضته، لن تنفك منه سيأسرك ويقيّد جميع أشرعتك..
دوماً ما أحاول أن أكون سطحية لايناسبني التعمق في الأشياء، أخاف الحقائق كثيراً وأخاف اكتشافها، تعجبني الصورة البعيدة دون العبث في تفاصيلها، ودوماً ما أختار البعد حين أتخيّر بينه وبين البقاء، فالقرب ياعزيزي وجهة للعبث بالشعور ومن ثَمّ بالقلوب فالقلوب إذا عبثت أُفلِتت وإذا أُفلِتت ضاعت فاحكم قبضتها..
ما بالي في هذه المرة أفرط فيك؛ أخذت قرناً ونصفا عشقٍ وسنينَ عجافٍ من الشوق حتى اتخذت قرار الرحيل عنك؛ أنا التي تختار البعد عن ظهر لحظة!!
أعلم انك مهّدت لإقلاع رحلتي قبل أكثر من قرنٍ وُبعد لكن مركبتي تعطلت عند وجهتك، كلما اتخذتُ سبيلاً للرحيل عنك عادت بي إليك وكأن كل الطرق تقود لك وحدك...
كنت أعلم منذ الوهلة الأولى بفاجعة فراقك كنت أعلم منذ قدومك أن حضورك لن يدوم كنت تسكب الهلع على قلبي مع كل عناق وهانتذا فعلتها..
ولكني سيدة النهايات! سأنتزعك وان انتشر سرطانك بجل روحي، سأنجو من الغرق وإن طال فرعون نبضي معصية، سأُخرِج نبضي عبر فوهة التخلي وسأتحرر منك..
ـــَََََ
خاتمة..
كل البدايات لها نهايات وكل النهايات لها طابعا في نفوس الراحلين عنهم؛ فاحسنو نهاياتكم يرحمكم الله
الكاتبة السودانية / ندى حيدر تكتب نصًا تحت عنوان "تحت أنقاض الرحيل"
Post A Comment: