الشاعر الناقد المغربي / علال الجعدوني يكتب : ورقة أدبية مقتضبة في حق كتابات الشاعرة فوزية مراكشي بنجعفر
✓ مدخل :
كما هو معروف عند الأدباء ، الشعر هو تعبير داخلي وترنيمة روحية يرسمها الشاعر بعيون قلبه ، كما يعتبر حالة وجدانية نابعة من الأعماق . وللشعر عناصر أساسية تحتل الصدارة في الكتابة منها : العاطفة ، الفكرة ، الخيال ، الأسلوب ،النظم ... كما له أغراض أساسية ، المتمثلة في : الوصف ، المدح والهجاء ....
والتجديد الشعري يعتبر من أبرز مشاغل الشعراء والشاعرات في زمن الحداثة ، والذي أصبح ينفتح على جغرافيات إبداعية متنوعة الممتدة من مختلف الثقافات .....
✓التعريف بالشاعرة :
ومن بين الشاعرات اللائي ارتوينا من شعر الحداثة نجد الشاعرة فوزية مراكشي بنجعفر أستاذة الفرنسية موهوبة ، تكتب الشعر الأنيق بعدما نشأت بين عروش فاس مسقط رأسها ، مدينة تبهر بجمالها كل عاشق للحضارة ، مدينة لها وقع خاص على تركيبة المغرب ، لتنتقل إلى مدينة الرباط ، ومن تم إلى أمريكا لتعيش مع أبنائها هناك .... ، إنها (شاعرة بالمهجر ) .
أصدرت ديوانا شعريا سمته : (عاشقة الحرية) .
كتبت بالفرنسية ، وسيصدر لها ديوانا آخر فيما قريب حسب تصريحها ....
وغالبا كتاباتها متشبعة بالشجن والقهر والحيف الذي لحقها في بداية حياتها المهنية .
✓ دلالة الغلاف :
يعتبر الغلاف من بين المداخل الرئيسية التي تشد المتلقي وتضعه في صورة تحفيزية .. فالصورة الموضوعة على الغلاف تغري القارىء ، بحيث يظهر فيها رجل وأنثى قبالة نهر أو بركة ماء يستمتعان بجمال المنظر والطبيعة الساحرة الزاهية بألوان الربيع ، قد تعتبر هذه اللوحة لوحة رومانسية ، إذ هي بمثابة رمز من رموز الحرية بمعنى لوحة تترجم التحرر من قيود العادات والتقاليد الموروثة ..
✓دلالة العنوان :
يعتبر العنوان مفتاح محفز لقراءة الديوان ، يمكن اعتباره كعتبة قرائية لا تنفصل عن نسيج المضمون ، كما يمكن اعتباره إشارة سيميائية تظهر خفايا النصوص وتكشف ملامح سراديبه ...
والعنوان مركب من كلمتين ( عاشقة للحرية ) .
فعاشقة ( إسم)
عاشقة فاعل من عشق .
عشق : فعل ، نقول عشق يعشق عشقا وعشقا ومعشقا فهو عاشق ، ونقول للأنثى عاشق أو عاشقة
والمفعول معشوق وعشيق
عشق الشيء هويه وتعلق به وأحبه حبا شديدا .
عشق الشيء لصق به ، لزمه ....
أما الحرية :
حرية مصدر حر والجمع حريات .
الحرية : الخلوص من الشوائب أو الرق أو اللؤم .
الحرية حالة يكون عليها الكائن الحي الذي لا يخضع لقهر أو قيد أو غلبة ويتصرف طبقا لإرادته وطبيعته خلاف عبودية .
ويمكن التوسع لنقول :
الحرية هي التحرر من القيود التي تكبل طاقات الإنسان وإنتاحاته سواء كانت قيودا مادية أو معنوية ، فهي تشمل التخلص من العبودية لشخص أو جماعة أو للذات ، والتخلص من الضغوط المفروضة على شخص ما لتنفيذ غرض ما .
✓ الثيمة :
يكاد يكون موضوع الديوان ذو منحى نفسي ، بحيث يمكن القول على أن الشاعرة أحبطت في حياتها مما جعلها تجسد همومها في الكتابة الشعرية ، كتبت بدلالات تتدفق برموز منطلقة من الواقع المعيشي ، سابحة في فلك كثير القلق والشحن . بديوان ( عاشقة الحرية) حوالي مائة وثلاثة وثلاثون( 133)صفحة يتصدره تقديم للناقد أسيف أسيف Assif Assif .
✓البيئة الشعرية :
للشاعرة ارتباط وثيق بالثقافة الفرسية و العربية لأنها احترفت مهنة التعليم ، وتربت في الحقل التربوي بين رجال ونساء الفكر والمعرفة والكتابات المتنوعة والمتميزة ، فكل هذا ساهم في إغناء معاريفها ، فالتركيبة البيئية بعناصرها المكانية ومكونتها اللونية ساهموا في تشكيل الحروف البهية الوارفة .
✓ دلالة الموضوع :
المنغمس في قراءة نصوصها المزركشة والمتلونة يتبين له أن الشاعرة وظفت جمال روحها ومشاعرها وكل ما يعتريها من أحلام وهواجس لتبرز لنا كتابات راقية ودسمة بالخيلات العميقة تنبض بهموم مشحونة بخيبات أمل جعلتها تثور في وجه طبيعة الحياة التي يسبح في كنفها كل جريح ...
فالديوان مليء بخبايا الذات لكون الشاعرة لم تحقق أحلامها مما جعلها تخوض ريهانا لغويا لتثور على الأوضاع بطريقة خاصة مقتنصة لذة المجازات بالركوب على الترميز بطريقتها الٱبداعية ، لذلك وظفت المصطلحين عاشقة الحرية اللذان يحملان دلالات ومعاني كثيرة ، فمن منا لا يعشق الحرية بمفهومها الكامل ، وبتأويلها ودلالاتها ؟؟؟ ...
نعم للغة الشعرية إحساس ووعي دقيق غالباً ما يؤجح الذات ، لهذا نجد الشاعرة تخاطب المتلقي بعبارات مسؤولة وبخيارات تخترق الصمت ، لهذا يجب قراءة نصوصها بتأن وبصيرة لاستنباط مكامن مضامين العبارات وإلا لن تتذوق طعم مقاصيد ما نسجته أناملها بحرقة الكتابة العميقة ، يكفي الرجوع إلى عنوان الديوان الذي هو بمثابة بوابة لتوجيه المتلقي ....
ومن دون إطالة ، يمكن الجزم على أن الشعر صوت الأعماق ، ووشم للفكر ، ونبش في سراديب الذات . والشاعرة فوزية مراكشي بنجعفر طائرة غردت وتغرد بما يخالج كيانها ومشاعرها وأحاسيسنا ، كما أن كتاباتها تملأ الفراغ حين ترصد الممكن في المجتمع باعتباره واقعا ، و يمكن تصنيف كتابتها ضمن الأدب الواقعي بامتياز .
ومن هذا المنبر أتمنى لها التوفيق والنجاح المستمر .
الشاعر الناقد المغربي / علال الجعدوني يكتب : ورقة أدبية مقتضبة في حق كتابات الشاعرة فوزية مراكشي بنجعفر
Post A Comment: