الكاتب المصري / محمد راشد علي بدر يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "عبثيات ما بعد منتصف الليل " 




وها أنا بعد منتصف الليل، أقف وحيدًا على حافة الهاوية، أُحدق في أعقاب المجهول، بجواري أصدقائى؛ كوب من القهوة، رواية ركيكة يحاول مؤلفها إضفاء بعض الإثارة عليها من خلال بعض الكلمات الغرائزية المحببة لنا كبشر لا تنتصب قرون إستشعارنا إلا بها...تبًا لما تفعله الشهرة بالناس، بالإضافة لأنغام شاعر في أذني يحاول بكل جدارة إثبات وقاحة الحب و إشمئزازه اللامتناهي للعشاق، لطالما حاول الإقناع أن النهاية واحدة للجميع؛ الفراق، ولطالما حاولت إقناعه أنْ ليس الكل مغفل مثلك يا صديقي، تبًا له أيضًا أنا اتفق معه في رأيه عديم الجدوى علي الإطلاق، ولا أكاد أنسي ذاك الصداع النصفي الذي أصبح مُصاحبًا لى في الأيام القليلة الماضية، صداع عجيب لا أدري سببه، فشلت العديد من أشرطة البنادول في مداعبته حتي!!، أهو من قلة نومي أو من فرط تفكيري أو ربما هو ليس سوي اتفاق مخفي أبرمته خلايا المخ اللعينة معه من أجل ...من أجل دفعي للجنون أو ربما فقط للتوقف عن التفكير، تفكير أشعر أنه راح يمزقها ويصول ويجول بداخلها، تبًا لها أليس هذا هو دورها وما خُلقت لأجله!!، ما هذا الذي يحدث، ما هذا الصوت الذي بداخلي ؟!، انتظروا قليلاً...أاااه لقد نسيت أن أخبركم أنها من وقتٍ لأخر تعبّر عن مدي إحتجاجها بزراعة بعض الأصوات بداخلى، تظن أنها بذلك ستدفعني للجنون، تبًا لها أكاد أموت من كثرة الضحك لتلك المحاولة الحمقاء، جنون...أنا الجنون نفسه عزيزتي هاهاها، حسنًا...حسنًا سأنصت سأنصت توقفي عن اللعب بذاك العصب اللعين...ليست لعبة أتاري قديمة هي لتستمري بالضغط عليها، حسنًا سأسمعك ماذا تريدين ؟


_أجابت بحزم: لست أُريد شيئًا، أريد بعض الراحة...بعض الراحة فقط.


_أجبتُ بعبث مصتنع: عزيزتي، تبًا لكِ أليس دورك التفكير ؟، لطالما سمعت أن هذا هو غذاءك لتعيشِ.


_أجابتْ بغضب: دعك من هراء المثقفين هذا، أنت أول العالمين بأنني لا أحتاج سوي بعض اللترات من الدم المحمل بذاك الجلوكوز، وبعض ذرات الأكسجين المعطّب بالملوثات الضرورية.


_حسنًا ماذا تريدين هاا...ماذا تريدين ؟.


_الهدوء، الهدوء أيها الأحمق، سيأتي ذاك اليوم وسأحترق، لن تجد ما تُدرك به وعيك، ستغدو مجنونًا !!.


_كم بقي لكِ عزيزتي ؟.


_تجيب مستنكرة ببلاهة خلايا مخ تتحدث بعد منتصف الليل: ماذا تقصد ؟.


_أُجيبها وقد انفرجت أساريري عن ضحكة جانبية ساخرة: كم بقي لكِ كي تحترقي ؟. 


صُدمت من الرد وكأنما احترقت بعض خلاياها كحاسوب قديم تستمر محاولات مراهق في تشغيل لعبة عصرية، ويستمر الحاسوب بالسب وإعطاء عبارة error 404: تبًا لك، سيكون الجنون حليفك مُرّحبًا بك، كيف أقولها ستغدو مجنونًا...مجنونًا !!.


_ضحكتُ من إجابتها، كم أعشق إنفعالاتها...اعذروني فهي الأنثي الوحيدة في عالمي، رددتُ ولا زالت أثار الضحك تبدو علي ثغري: لقد قُلتُ لكِ مطالبى، أنتِ المستمرة في المماطلة. 


_نظرت لى وكأنما هو الجنون متجسدٌ بعينه أمامها، وأردفت: ما الذي تقوله...أنا لست أدري كيف أُحقق طلبك هذا، أنــ.


_قاطعتها بزمجرة عصبية: دعكِ من هذا الهراء، هاا...أنا أكثر العالمين بهذا الهراء، و إن لم تفعلي ما أمرّنكِ لأسجننكِ في جحيم الأفكار وغياهب الذكريات، سأجعل ما يحدث لكِ اليوم كتجميع أجرة ميكروباص في يومٍ حار، سأفجر كل خلاياكِ واحدة تلو الأخري، سأتسلي بقطع الطريق إليكِ، ربما حبس للأنفاس...جرعات لا نهائية من الكافيين...بعض الجرع الكيميائية مجهولة التراكيب والمصدر...قطع ذاك الجلوكوز المفضل بالنسبة لكِ، ها ما رأيك؟.


_أجابت وقد ذُهلت من إصرارى هذا: ولكنك لن تُجدي فائدة من كل هذا، أنا أنت يا أحمق...أنا أنت، ستغدو مجنونًا أو ستهلك لا أنا. 


_أجبتُ بلذة: سأستمتع أشد الإستمتاع ونحن نذهب إلى الجنون سويًا، عزيزتي لطالما قلت أنتِ الأنثي المفضلة بالنسبة لي لن أترككِ ما حييت. 


_تجاوبتْ لمطالبي بعدما أستشعرت ذاك اليأس القابع في نبرات صوتى، وأنِ لن أتردد لبرهة في تنفيذ تهديدي: حسنًا لكَ ما أردت، وضَغطتْ بعض تلك النواقل العصبية أمامها، وأسالت تلك السوائل عديمة الجدوى، انتظرتْ لبُريهات...ثم فتحت ذاك السرداب القابع في الخلف حاملًا لافتة كبيرة ذات لون أحمر غامق مع جمجمة بيضاء في منتصفها...نظرات عيني الجمجمة تنطق بمدي خطورة ما خلفها، وزيادة للتأكيد كُتبتْ عبارة "ممنوع الفتح والإستخدام، نواقل عصبية تسبب حالة من السُكرْ متبوعة بمجموعة من تذاكر طيران مجانية لعوالم خفية لا يستوعبها خلايا كائن حي، ثمَ بالبونط العريض عبارة عادةً ما تنتهي تلك الحالة بالجنون والموت ". 


_أَجبتُ مُرحبًا وقد انكشفت صُفرة أسناني من الإبتسامة: ها نحن قادمين...ففي إنتظاري رحلة طالما سعيت أن أكون أحد ركابها، سأذهب لحزم أمتعتي، أه تذكرت سأرسل لكم بطاقات معايدة من أعماق الجحيم نفسه...تبًا لكم، مع السلامة.



الكاتب المصري / محمد راشد علي بدر يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "الفيلسوف"



الكاتب المصري / محمد راشد علي بدر يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "عبثيات ما بعد منتصف الليل " 



Share To: