الكاتبة السودانية / سمر حيدر محمد نور تكتب نصًا باللهجة السودانية تحت عنوان "عَـلـى الـعَـديـلـة" 




"الليل الليل العديل والزين الليلة العديلة يا رسول الله".


بهذه العبارات الرنانة الحساسة يُزفُّ الـعـريـس إلـى داره، مشبكًا أصابعه المختلطة بالخضاب الأحمر بـعروسـه الـجـمـيلة.


فـي بَلدي الـحَنين نقدّس الزواج، ذاك الإرتباط الروحي المتغنج بأسمى آيَاتِ الدّلال، وأجمـل شُعورِ الإمتنان ليطَرز الرفِيقان لوحة ممهدة ليبدأ بِها المـشوار لبِناء بَيت من الحِنّ و(الريــد) والسكينة. 


بـداية الحـكاية!

نظرةٌ واحدة ولرُبما لا يُلقى لها بـال هي التي تُشعل أول شرارة من نبض القلب فيخفقُ ويخفقُ إلى أن تسري نسمَةٌ باردة في الأوصال. 

طمأنينة تعقبها صلاة استخارة ثـم (قُولة الخير) فـ (العقِد) ومابينهما نسيجٌ من جَمَال وهداوةٍ وأشعار لم تُكتب إلا لِكليهِما! 


مَابينَ لحظة وضحاها وبلمح البصر يبدأ العُرس بقرعِ أجراس موسمهِ لتنصت كُل القُلوب وتتآلف مع الصَدى البديع، يَقمنَ صديقات العروس بتكميل كل الّلوازم لتكونَ جاهزَةََ وبختم العروس أيضاً...


(دقّ الريـحة)

لطالما كانت كل الطقوس لدينا خاصـةََ ومميـزة لأنها صنعت باليد؛ وليست كلّ الأيادي واحدةََ. تبدأ إحداهن بالضرب على "الدلوكة" لتدقّ تلك الألحان المتوارثة في كل مناسبة:


"دا اليوم الدايرنوا ليك يا أحمد مبروك عليك

أمك سوت قدرتها يا أحمد مبروك عليك 

أمك سوت قدرتها والعزاها عزا قبيلتها مبروكة عليك".


وخيوط البخور تعج بالمكان كالمرسال لكل أحد أن بيت الفرح هنا. 


(الجـرتق)

بالجلابية والتوب الأحمر يختم العروسان ذلك المهرجان الجميل. يدخل العروسان ممسكان ببعضهم البعض والـ (قرمصيص) يواريهما كـالـنفس الواحدة، وهذا فعلاً مايحدث عند إلتحام القلوب ببعضها، وبين خطواتهم تحفهم  (الزغاريت) والأهازيج:


حصنوها بياسين وعاد بت السرور سمحة وسمحة تملى العين 


عروسنا زينة تمام والله مافي كلام

 القمرة شالت نورن وشاعة فيها النورة وكل حاجة تمام

حلاتا لبست توبا الرايقة ست الروقة خشيمها مو نضام لراقية في اسلوبها تربية حبوبة سدو مالها تمام


أو الموروثة الزمنية الأصيلة:

"الليل الليل العديل والزين... الليلة العديلة يا رسول الله 

في بيت الحلال ان شاء الله... يا أحمد العريس ان شاء الله تتهنى 

عقبال للوراااك من قلبي بتمنى... من بعد العرس حجة وكمان عمرة".


إن العُرس لدينا لا يقتصر على موسمه فقط، بل كل الأيام فرحٌ وسرور والمُؤازرة لا تغلى على أي أحد، إننا الفرح أينما حللنا.




الكاتبة السودانية / سمر حيدر محمد نور تكتب نصًا باللهجة السودانية تحت عنوان "عَـلـى الـعَـديـلـة" 




Share To: