الأديب المصري / إبراهيم الديب يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "التلاعب بالنتيجة "
أكبرهم سنا أكبرهم عقلا، أكثرهم تسامحا ، أكثرهم كرما أو حكمه وخبره وتجربة في الحياة و الحكم على الأمور هذا الرجل كنت أجده يجلس كل يوم في المقهى في : وقت محدد يجتمع حوله مجموعه من الناس يلعبون الكوتشينه ،كنت أجلس بالقرب منهم من أجل مشاهدة الأخبار ومباريات كرة القدم في تليفزيون المقهى ، وخاصة عندما يلعب الأهلي، والذى كنت أشجعه بجنون ،كنت في الصف الرابع الابتدائي في العاشرة من عمري ، وكانت كل أفراد هذه المجموعة لا تعرف :القراءة والكتابة وكثيرا ما يختلف أفرادها على طريقة كتابة الأرقام والجمع والحساب التي هي :نتيجة حاصل اللعب وسيترتب عليها من فاز ومن هزم ،ومن سيدفع ثمن المشاريب . يحدث ذلك كل يوم، فنظر الرجل الكبير نحوى وكأنه أول مرة يراني ورمقني بنظرة فاحصة قرأتنني جيدا ، ثم سألني بود وأبوة لا تخلو من بعض العطف الإنساني : تعرف تكتب وتحسب يا شاطر. ؟ فجاوبته على الفور بنعم فأوكل إلي مهمة كتابة حساب اللعب وإعلان النتيجة أيضا ، فانضممت إلى جلستهم من أوسع الأبواب ،وأصبحت أحد أهم افرادها و التي تعد اقوى مجموعة في المقهى :بما يسبغه عليها الرجل الكبير الكريم من بذخ على أفرادها عن طيب خاطر ، و من قوته ونفوذه وتمتعت بالنفوذ الذي يتمتع به جميع كل أعضاء المجموعة ، بل أصبحت الفتي المدلل لديهم فأنا الآن مسموع الكلمة وصاحب رأى في أي أمر يخص القراءة والكتابة ثم شعرت بالتميز والزهو والغرور ،وكنت أطلب ما أريد تناوله من مشروبات دون استئذان أحد، وكان الرجل الكبير سعيد أننى أستخدم نفوذه دون الرجوع لأحد... وكنت أيضا اقوم بفض المنازعات بينهم فيما يتعلق بالخلاف الذى ينشئ بينهم أثناء اللعب ، واستمر الأمر على ذلك فتره ليست بالقصيرة الأمور تسير على ما يرام.
وذات يوم وأنا ذاهب إليهم في المقهى كعادتي وقبل أن اقترب إلى مقعدي وجدت أحدهم وكان أصغرهم سنا يحاول التهجم علي بالضرب، فأخذت في الجري إلى خارج المقهى وهو خلفي فأطلقت ساقي للريح، فهذا شيء أفعله كل يوم وأنا ألعب الكره، اخترقت شوارع عده في البلدة بعد الحارات الضيقة وهو خلفي يلهث ولا يستطيع اللحاق بي حتى سخر منه الصبية بعد أن سقط على الأرض..... .. ما كان يقتل فضولي وأنا أجري أمامه هو لماذا يجري هذا الرجل خلفي. ؟ حتى رأيت نفسي وجها لوجه أمام رجل كبير من أقربائي فاحتميت به وعندما لحق بي بعد أن كادت تنقطع انفاسه ويسقط من شدة الإعياء مرة أخرى ، وعندما رآني أقف مع قريبي :استحي الرجل وهو ينظر لأسفل من شدة الخجل ، وحاول العودة من حيث أتى ولكن قريبي أستوقفه وبلهجة شديدة سأله لماذا تجري خلف هذا الصبي. فغمغم ثم قال: لا شيء ثم سألني أيضا عندما لم يجبه الرجل لماذا يجري خلفك،؟ فأقسمت له أنني لا أعرف وذهبت إلى البيت وأنا لا أعرف ماذا حدث..
عرفت بعدها أن الرجل الذي كان يجري خلفي كان يتهمني أنني أزور في حسابات اللعب وأقوم برفع أسهم أحد اللاعبين، وأخفض آخر وهذا ليست حقيقه فكانت تلك وشاية من أحد مشجعي اللعب وأفراد المجموعة لا يعجبه تميزي على صغر سنى، و أن سبب هزيمة هذا الرجل في اللعب دائما ليس ضعف مستواه و قلة احترافه ، ولكن سبب الهزيمة الحقيقي هو شخصي الصغير المغرور المزور الذي يتلاعب بالنتيجة بعد أن يغيرها لخصوم هذا اللاعب.... ،الحقيقة أنه كان فاشلا في اللعب فشلا ذريعا لا يقل عن فشله في الحياه..
لم أعد أذهب إلي المقهى بسبب ما حدث معي وعلمت أن الرجل الكبير في المجموعة الذى ضمني اليها :غضب لما حدث ووبخ الرجل الذى حاول الاعتداء علي ، وقال له أن الذى حدث عيب وأنه اعتداء على الصبى الصغير من.: رجال المجموعة ... اكبرت الرجل أكثر من ذي قبل في نفسي والذى أرسل إلي أحد الصبية بأن أعود لمكاني بعد أن أطلب الترضية اللازمة لما حدث ولكني وضعت شروطا قاسيه للعودة والصلح وهي طرد الرجل من المجموعة ، حدث بعدها تقدم في المفاوضات بعد ما تعثرت وتوقفت أكثر من مرة بيني وبينهم، ثم قابلني صاحب المقهى بعد فترة وقال: أن طلبي هذا كثير وصعب ثم أردف: ولأتنسى أنه رجل كبير ولم يتركني وأمسك بيدي وأعادني إليهم وأخذ الجميع يسترضيني وجلست وأمسكت بالطباشير وبدأت في الكتابة وجمع الأعداد ولكنهم لم يتأكدوا من ذلك إلا عندما طلبت شايا أعقبه سحلب.
الأديب المصري / إبراهيم الديب يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "التلاعب بالنتيجة "
Post A Comment: