دلالة الأمكنة في رواية "رحلة العلقم" للكاتب المغربي عبدالله مرجان 


دلالة الأمكنة في رواية "رحلة العلقم" للكاتب المغربي عبدالله مرجان



ذ: عزالدين تسينت


روايةُ "رحلةِ العلقمِ" للكاتب المغربي  عبد الله مرجان ، سَفَرٌ في الرّملِ حتى انبجاس الماء، سِفْرٌ سرديٌّ متسمٌ بالإتقانِ و الإحكامِ من خلال  متتاليةٍ من الأحداث المتسلسلةِ التي تُحركها مجموعةٌ من القوى الفاعلةِ، وفق فضاءات حكائيةٍ زمانيةٍ و مكانيةٍ محددة، تبعًا لرؤيةٍ سرديةٍ اختار لها الكاتبُ ساردًا ماهرًا ينوع  ضمير السرد،مستعينا بالوصف الذي استطعنا من خلاله أن  نتعرف على الشخصيات ( طويرة) الذي قَصَّ القدر جناحيه، وعبث سهم مارقٌ من كتاب العين ( بيقين الأم الجازم) ليستبدل الطاء عينًا و الواو تاءً "عــتيرة".. (الأب) المكــلومُ الصبورُ المكابدُ... (خديجة) اللّعوبُ الغضوبُ الماكرة...(فاطمة) الودودُ العطوفُ الجريحُ ..(مدير دار الطالب) الشديدُ الفجُّ... وعلى الأماكن و الأزمنة، و خصائصها الفنية و الوجدانية، و دلالاتها النفسية و الثقافية و الاجتماعية..( دوار مسعدة) وشيجةُ الدّم و الترابِ، (ضريح سيدي مسعود)  الجهلُ و الكبتُ  و الابتزاز..(أولاد افرج) بوابةُ الفرجِ صوبَ  التمدرس ...( جامعة أبي شعيب الدكالي) تخصيب الحلمِ ليصبح جاهزا للانشطار و لانتصار.. و على الأحداث و صيرورتها. ( القوة و البأس و المهارة  / العجز و اليأس و الخلوة و الخيال و الخذلان / الإرادة و الإصرار و  الاندماج و الإيمان...  

جاء  عنوانُ الروايةِ مركبًا إضافيًّا  يُفيد التعريف الذي مُفادهُ أننا جميعنا نعرفُ ذلك العلقمَ، و نتقاسمه مع الكاتب بدركاتٍ مختلفةٍ، إنه عنوانٌ إيحائيٌّ، القصدُ منه إشراكنا في الرواية من خلال التساؤل عن الدال و المدلول، و عن العلاقة بينهما ..لقد استطاع الكاتب أن يجد رَوْحَ الأملِ في قافلةِ البدوِ التي كسرتْ ظهرَ بعيرِها صدمةُ النبأ، و أبتْ إلا أن تمضيَ حُقبا في انتظار النبوءة..تكابدُ وعتاء السفر، و تصارع أنيابَ الضواري التي يفكرُ بعضُها في مَحْوِ الآخر و إخفائه، و يفكر بعضُها الآخرُ في إبعاده و إقصائه... لكن قميصَ الإرادةِ و العزيمةِ سرعان ما ألقاهُ البشيرُ على و جه الحياة الكظيم، فارتد بصيرًا..و آن  ل " طويرة/ عتيرة " أن  يأخذ مكانه ومكانته.

رواية “رحلة العلقم” صرخة المعطوبين في وجه مجتمع متهالك، نكّار للجهد، ورحلة تحدٍّ مستحيلة في طريق وعر متشابك المتاريس، موغل في التيه، ودرس بليغ لأجيال المستقبل، يستحق أن يدرس، بالنظر إلى روح المغامرة والإصرار المُستضمرين في روح “طويرة” المهيض الجناح، الذي لم يثنه جرحه وضعف قوته الجسمية على مواصلة صعوده التلال والجبال بحثا عن ضوء شمس، ولم يحل بينه وبين تحقيق أحلامه ومطامح أسرته عائق، متشبثا بسند العقل والذكاء والمعرفة، وكأنه يصرخ في القوم قائلا: إن العبرة بالفكر والعلم لا بالجسد والقوة البدنية. إنها رواية السيكولوجيا المكثفة التي تغوص في أعماق الشخوص حافرة في ندوبهم الخفية، وبصيغة أخرى، هي رواية “السلوك” بحكم أنها تسعى إلى إعادة صياغة المجتمع من حيث نقض عاداته وممارساته وأفكار عناصره، وعلاقاته المتشابكة المؤسسة على اللا توازن والاستغلال والانتقائية.




دلالة الأمكنة في رواية "رحلة العلقم" للكاتب المغربي عبدالله مرجان 





Share To: