الكاتب والمترجم المغربي / كريم الحدادي يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "الضوضاء"
ها قد عدت إلى مقهى "كاليفورنيا"، وحيدا كعادتي. بالأمس، نمت من شدة الملل و الخوف. نمت كما ينام حيوان فاشل فشل، على امتداد أسبوع، في اصطياد حيوان اخر مريض. نمت لأنني لم أقوى على قراءة صفحة من رواية "السوق الداخلي" أو " موسم الهجرة إلى الشمال". نمت لأنني لم أعد أقوى على كتابة جملة واحدة. نمت لأن النوم هو المفر. نمت و أنا أفكر في اليوم. في سيناريو هذا الأحد المتشائم.
الثامن من مايو: لا يحمل هذا التاريخ أدنى ذكرى في ذاكرتي، حتى هذا اليوم لا يستحق أن يسجل في إحدى مناحي ذاكرتي الهشة، التي تتحاشى الناس العشوائيين و الأغبياء الذين لا يفهمونني. لا يفهمونني، ذلك شأنهم و شأني أنا أيضا. الأقرباء الذين يشكون في نيتي المنطقية المتشبعة بالشاعرية ليسوا أقرباء، إنهم ضحايا الرأسمالية و ضحايا العيش في مجتمع الغوغاء، تجار الرقاد.
أنا قريب البعيدين عني و الأقرباء أيضا. غير أنهم لا يفهمونني. أنا لست مجبرا على دراسة فن الخطابة و الحجاج لأبرهن للغوغاء على أنني إنسان إنساني بما تحمله الكلمة من معنى. هم لا يفهمون الكلام: يتعاملون بالمال. هو لا يتريثون، إنهم يلقون بالأحكام المطلقة بلامبالاة، كما يرمي السائحون حبات حصى باستمرار و عفوية في بركة عميقة. أنا لست بركة أو بحر، أنا مسيلة تنحدر بخجل من إحدى السفوح الأطلسية؛ أنا بركة ماء صغيرة تحوي بعض اللترات من ماء المطر بإحدى أودية ذلك المكان. ذلك المكان الوجداني الذي يحوي أشجارا بدون جذور. بدون أزهار شر في الربيع و بدون دفئ في الصيف. أشجار هذا المكان ليست أشجارا أو لم تعد كذلك في اخر المطاف. إنها أشجار مهربة لا وطن لها و لا مستقر.
الكاتب والمترجم المغربي / كريم الحدادي يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "الضوضاء"
Post A Comment: