فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "من بَرَكَةِ الْأَوْقَاتِ"
لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ مَا يُلَاقِيهِ الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ مِنْ كَثْرَةِ الْأَعْبَاءِ وَالْوَاجِبَاتِ ، وَمَا يَلْحَقُ الْأَوْلَادَ مِنْ تَكَالِيفَ وَجُهْدٍ فِي سَنَةٍ دِرَاسِيَّةٍ امْتَلَأَتْ بِالْجِدِّ وَالْمُثَابَرَةِ ، وَاتَّسَمَتْ بِالتَّعَبِ وَالْكَدِّ وَالْمُصَابَرَةِ .
وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ أَسْبَابِ مَلَلِ النُّفُوسِ وَسَآمَتِهَا وَمِنْ دَوَاعِي طَلَبِ التَّرْوِيحِ لَهَا لِإِعَادَةِ سُرُورِهَا وَبَهْجَتِهَا .
وَمِنْ مَحَاسِنِ دِينِنَا الْعَظِيمِ أَنَّهُ رَاعَى جِبِلَّةَ الْإِنْسَانِ وَنَزْعَتَهُ إِلَى الرَّاحَةِ وَالِاسْتِجْمَامِ ، فَأَبَاحَ لَهُ التَّرْوِيحَ عَنْ نَفْسِهِ لِيَتَخَلَّصَ مِنْ أَعْبَاءِ الْمَشَاقِّ وَالْأَعْمَالِ فِي سَائِرِ الْعَامِ .
فَعَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ :
لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ : كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ ؟
قَالَ : قُلْتُ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ!
مَا تَقُولُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : نَـكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ فَنَسِينَا كَثِيرًا .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَوَ اللهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللهِ .
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
وَمَا ذَاكَ ؟
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ ، نَسِينَا كَثِيرًا .
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي ، وَفِي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
[أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ]
يَعْنِي سَاعَةً لِلرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ وَسَاعَةً مَعَ الْأَهْلِ وَالْأَوْلَادِ ، وَسَاعَةً لِلنَّفْسِ .
#وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَـبِّهٍ رَحِمَهُ اللهُ قَالَ :
إِنَّ فِي حِكْمَةِ آلِ دَاوُدَ : حَقٌّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ لَا يَغْفُلَ عَنْ أَرْبَعِ سَاعَاتٍ ، سَاعَةٍ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَسَاعَةٍ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ ، وَسَاعَةٍ يُفْضِي فِيهَا إِلَى إِخْوَانِهِ الَّذِينَ يُخْبِرُونَهُ بِعُيُوبِهِ وَيَصْدُقُونَهُ عَنْ نَفْسِهِ ، وَسَاعَةٍ يُخَلِّي بَيْنَ نَفْسِهِ وَبَيْنَ لَذَّاتِهَا فِيمَا يَحِلُّ وَيَجْمُلُ ؛ فَإِنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ عَوْنٌ عَلَى هَذِهِ السَّاعَاتِ ، وَإِجْمَامٌ لِلْقُلُوبِ ، وَحَقٌّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَعْرِفَ زَمَانَهُ ، وَيَحْفَظَ لِسَانَهُ وَيُقْبِلَ عَلَى شَأْنِهِ وَحَقٌّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ لَا يَظْعَنَ إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاثٍ : زَادٍ لِمَعَادِهِ ، وَمَرَمَّةٍ لِمَعَاشِهِ ، وَلَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ .
وَهَا نَحْنُ أُولَاءِ قَدْ دَخَلَتْ عَلَيْنَا إِجَازَةُ الصَّيْفِ بَعْدَ تِلْكَ الْوَاجِبَاتِ وَالْأَعْمَالِ ، وَحَلَّتْ أَوْقَاتُ الْفَرَاغِ مِنْ أَكْثَرِ التَّكَالِيفِ الْوَظِيفِيَّةِ وَمِنْ كَثْرَةِ الْأَعْبَاءِ وَالْأَشْغَالِ وَقَدْ طَلَبَتِ النُّفُوسُ الرَّاحَةَ وَالِاسْتِجْمَامَ وَاشْتَاقَتْ إِلَى التَّرْوِيحِ وَالتَّغْيِيرِ فِي النِّظَامِ .
فَحَرِيٌّ بِالْمُسْلِمِ أَنْ يُعْطِيَ نَفْسَهُ حَقَّهَا مِنَ الرَّاحَةِ ، وَأَنْ يَغْتَنِمَ فِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ أَوْقَاتَ الِاسْتِرَاحَةِ فَإِنَّ الْفَرَاغَ نِعْمَةٌ وَأَيُّ نِعْمَةٍ .
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ : الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ .
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
#كَمَا أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْوَقْتِ تَوْفِيقٌ وَرَحْمَةٌ ، وَتَضْيِيعَهُ أَسَفٌ وَنِقْمَةٌ وَالْمُوَفَّقُ مَنِ اغْتَنَمَ شَبَابَهُ وَصِحَّتَهُ وَغِنَاهُ وَوَقْتَهُ وَعَمِلَ لِآخِرَتِهِ وَتَذَكَّرَ مَوْتَهُ .
#عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ :
اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ : شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ وَغِنَاءَكَ قَبْلَ فَقْرِكَ وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ .
أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ
#من بَرَكَةِ الْأَوْقَاتِ :
اغْتِنَامُهَا بِالْعِبَادَاتِ وَالتَّقَرُّبُ إِلَى اللهِ فِيهَا بِالْقُرُبَاتِ ، وَالتَّرْوِيحُ عَنْهَا بِالْمُبَاحَاتِ ، وَتَجَنُّبُ الْمَحْظُورَاتِ .
قَالَ اللهُ تَعَالَى :
فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ
الشرح:7-8
كَمَا يَنْبَغِي اسْتِغْلَالُ الْأَوْقَاتِ بِالْبَرَامِجِ الْمُفِيدَةِ وَاسْتِثْمَارُهَا بِالْهِوَايَاتِ النَّافِعَةِ الَّتِي تَزِيدُ فِي الْإِيمَانِ ، وَتُقَوِّي الْأَبْدَانَ ، وَتَشْحَذُ الْأَذْهَانَ .
#قَالَ أَحَدُ الْحُكَمَاءِ :
مَنْ أَمْضَى يَوْمَهُ فِي غَيْرِ حَقٍّ قَضَاهُ ، أَوْ فَرْضٍ أَدَّاهُ أَوْ مَجْدٍ أَثَّلَهُ أَوْ حَمْدٍ حَصَّلَهُ أَوْ خَيْرٍ أَسَّسَهُ أَوْ عِلْمٍ اقْتَبَسَهُ فَقَدْ عَقَّ يَوْمَهُ وَظَلَمَ نَفْسَهُ .
#وَمِنَ الْبَرَامِجِ الْمُفِيدَةِ النَّافِعَةِ فِي الْإِجَازَةِ الصَّيْفِيَّةِ الْمَاتِعَةِ :
السَّفَرُ فِي الْأَرْضِ بِالسَّبِيلِ الْمُبَاحِ ، وَالتَّرْفِيهِ الْبَرِيءِ الْمُتَاحِ ؛ بَعِيدًا عَنِ الْأَمَاكِنِ الْمَشْبُوهَةِ وَالْبِقَاعِ الْمَوْبُوءَةِز.
فَمَا أَجْمَلَ السَّفَرَ لِلِاطِّلَاعِ عَلَى آيَاتِ اللهِ فِي الْأَرْضِ وَالْآفَاقِ وَالِاعْتِبَارِ وَالنَّظَرِ فِي بَدِيعِ صُنْعِ الْوَاحِدِ الْخَلَّاقِ .
قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
[العنكبوت: 20]
وَقَالَ تَعَالَى :
قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ
يونس:101
أَيْ : تَفَكَّرُوا وَاعْتَبِرُوا بِمَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنَ الآيَاتِ وَالْعِبَـرِ، وَانْظُرُوا فِي عَجَائِبِ صُنْعِ اللهِ حَقَّ النَّظَرِ لِيَدُلَّكُمْ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ وَكَمَالِ قُدْرَتِهِ .
وَمَا أَجْمَلَ السَّفَرَ إِذَا كَانَ لِصِلَةِ الْأَرْحَامِ ، أَوْ لِأَدَاءِ الْعُمْرَةِ فِي بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ ، أَوْ بِقَصْدِ الْكَسْبِ الْحَلَالِ أَوْ لِطَلَبِ الْعِلْمِ وَالْأَدَبِ وَرَفْعِ الْمَلَالِ مَعَ صُحْبَةٍ مُؤْمِنَةٍ تَقِيَّةٍ وَرُفْقَةٍ صَالِحَةٍ مَرْضِيَّةٍ .
#عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ .
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ
وَالْمَرْءُ بِصَاحِبِهِ : إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ .
#وَمِنَ الْبَرَامِجِ الْمُفِيدَةِ فِي الْإِجَازَةِ السَّعِيدَةِ :
أَنْ يَشْغَلَ أَوْلَادُنَا سَدَّدَهُمُ اللهُ وَوَفَّقَهُمْ لِخَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَوْقَاتَهُمْ بِمَا يَنْفَعُهُمْ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ كَالِالْتِحَاقِ بِحَلَقَاتِ تَحْفِيظِ الْقُرْآنِ فِي الْمَسَاجِدِ وَبِالدَّوْرَاتِ الْعِلْمِيَّةِ وَالتَّرْفِيهِيَّةِ الْبَرِيئَةِ فِي الْمَرَاكِزِ وَالْأَنْدِيَةِ الصَّيْفِيَّةِ وَالْجَمْعِيَّاتِ الْخَيْرِيَّةِ وَالْأَهْلِيَّةِ ، وَتَعَلُّمِ مَا يُنَمِّي قُدُرَاتِهِمُ الذِّهْنِيَّةَ وَالْجَسَدِيَّةَ كَتَعَلُّمِ فُنُونِ الرِّمَايَةِ وَرُكُوبِ الْخَيْلِ وَالسِّبَاحَةِ ، وَمُمَارَسَةِ فَنِّ الْخَطِّ وَالْكِتَابَةِ وَتَعَلُّمِ مَهَارَةِ الْقِرَاءَةِ وَالْمُطَالَعَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأَنْشِطَةِ النَّافِعَةِ وَالْهِوَايَاتِ الْمَاتِعَةِ .
#عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ :
رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ وَجَابِرَ بْنَ عُمَيْرٍ الْأَنْصَارِيَّ يَرْتَمِيَانِ فَمَلَّ أَحَدُهُمَا فَجَلَسَ فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ : كَسِلْتَ ؟
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ مِنْ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ لَهْوٌ أَوْ سَهْوٌ إِلَّا أَرْبَعَ خِصَالٍ :
مَشْيُ الرَّجُلِ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ أَيِ : الرِّمَايَةُ وَتَأْدِيبُهُ فَرَسَهُ وَمُلَاعَبَةُ أَهْلِهِ وَتَعَلُّمُ السِّبَاحَةِ .
أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ
#إِذَا كَانَتِ الْإِجَازَةُ الصَّيْفِيَّةُ نِعْمَةً مِنْ نِعَمِ رَبِّ الْبَرِيَّةِ ؛ فَإِنَّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يُرَاعِيَ تِلْكَ النِّعْمَةَ بِدَوَامِ شُكْرِهَا وَأَنْ يَحْذَرَ ارْتِكَابَ الْمُنْكَرَاتِ الَّتِي تُؤَدِّي إِلَى كُفْرِهَا ؛ فَيَعْمَلَ الصَّالِحَاتِ وَيَحْرِصَ عَلَيْهَا وَيَتْـرُكَ المَعَاصِيَ وَلَا يَسْعَى إِلَيْهَا ، وَالْكَيِّسُ الْفَطِنُ يَغْتَنِمُ أَوْقَاتَ فَرَاغِهِ وَصِحَّتِهِ ، بِمَا يَنْفَعُهُ فِي دُنْيَاهُ وَبَعْدَ مَوْتِهِ ، وَيَعْلَمَ أَنَّهُ مَسْؤُولٌ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ أَحَفِظَ أَمْ ضَيَّعَ ؟
#فَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ ؟
وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ ؟
وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ ؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ؟
وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ ؟
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ
#وَمِنْ فَضْلِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْنَا :
أَنَّ الْمُبَاحَاتِ الَّتِي لَا يُؤْجَرُ عَلَيْهَا تَتَحَوَّلُ بِالنِّـيَّةِ الصَّالِحَةِ إِلَى عَمَلٍ صَالِحٍ يُؤْجَرُ عَلَيْهِ ؛ فَالْحَرَكَةُ وَالسُّكُونُ ، وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالنَّوْمُ وَالْيَقَظَةُ .
أَعْمَالٌ يُثَابُ عَلَيْهَا الْمَرْءُ إِذَا أَصْلَحَ النِّـيَّةَ فِيهَا وَنَوَى بِهَا التَّقَرُّبَ إِلَى اللهِ وَطَاعَةَ رَبِّهِ وَمَوْلَاهُ .
#فَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا تَذَاكَرَا الْقِيَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ مُعَاذٌ :
أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ وَأَقُومُ ، وَأَرْجُو فِي نَوْمَتِي مَا أَرْجُو فِي قَوْمَتِي .
وَمَعْنَاهُ : أَنَّهُ يَنَامُ بِنِيَّةِ الْقُوَّةِ وَإِجْمَاعِ النَّفْسِ لِلْعِبَادَةِ وَتَنْشِيطِهَا لِلطَّاعَةِ ، وَيَرْجُو فِي ذَلِكَ الْأَجْرَ كَمَا يَرْجُوهُ فِي قَوْمَتِهِ أَيْ : صَلَاتِهِ .
فَاغْتَنِمُوا أَوْقَاتَكُمْ وَاعْمَلُوا فِي حَيَاتِكُمْ لَه
فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "من بَرَكَةِ الْأَوْقَاتِ"
Post A Comment: