الكاتب السوداني / أبوذر مصطفى يكتب نصًا تحت عنوان "غياب" 


الكاتب السوداني / أبوذر مصطفى يكتب نصًا تحت عنوان "غياب"



على أصوات الطيور مغردةً عند الصباح، عند استيقاظِ الجميع، أفتقدكِ عزيزتي، الكل يمارس تفاصيل يومه العادية؛ لكنني أظل مترنحاً على سريري، ويبدأ التفكير سلسلته اللا متناهية، تفكير في غيابكِ المفاجيء، رحيلك دون وداعٍ أخير. 

 أتذكرينَ محبوبتي حين أخبرتِني ألا شيءَ بوسعه تفريق قلبَيْنا اللذان التقيا بعد رحلة شوقٍ متعبةً، عند أول إبتسامة لكِ حين تفوهتِ بتلك الكلمة التي أصبحت ذكرى استقلال لقلبيَ المستعمر للأحزان منذ أمدٍ طويل، "أحبكَ يا عزيزي"؛ حينها وُلِدَ كل شيءٍ من جديد، صرخ طفل حبنا المولود وضجَّ به قلبي واحتفل.

اتذكرين عزيزتي تلك الزهرة التي كنا نرويها معاً عند الصباح، وأنتِ ما زلتِ بادئة الاستيقاظِ من نومكِ، وعيناك تتوهجانِ جمالاً وبريقاً، تلك الزهور التي أحبتكِ معي ولم تعتد غيابكِ مثلي تماماً، تلك الحجرة التي احتوتنا حباً وعشقاً، باتت بائسة الجدران ومملة الجلوس، عودي يا جميلتي فقلبي يكاد يخرج من ضلوعي شوقاً. 

لم أعد أشعر بكل ما حولي، بتُ أسيراً لكِ، اضمحل كل اليأس وتلاشى كل مرير، اذكرك في يقظتي ومنامي، في كل حُلمٍ لي تكونين أنتِ بطولة ذلك السيناريو الليلي الجميل، في نسمة هواء تداعبني تكونين أنتِ متنفسي، أراكِ في كل شيء جميل، ولا أرى في وجهكِ شيئاً سواكِ؛ لأنكِ أجمل ما تُكحَل به عيناي.

دخولكِ حياتي أدخل معه سروراً لا ينقطع، بعد أن التقيتُ بكِ ذهبتُ في الطريق أرقص فرحاً؛ كل من رآني حسبني قد جننتُ، أداعب أولئك الأطفال الذين على الطرقات ووالداتهم ينظرنَ إليّ في حيرةٍ وتعجُّب، لا يعلمن أنني عشقتكِ أنتِ، ليتهم لو رأوكِ ولو لبرهةٍ لتركوا أطفالهم في الطرقات وتبعوكِ.

على باب قلبي قفلاً لا يُرى و لا يُلمس؛ يفتح به بابي بلا حراكٍ مني أو فعل؛ فقط عند توقفكِ على عتبة باب قلبي وتبتسمين، فيفتَحُ لكِ باب قلبي مصراعيه إليكِ حباً وحنيناً.

على رسلكِ صغيرتي، فقد حملتِ ما هو أكثر عبئاً من ذلك؛ لقد حملتِ قلبي، بكل ما يحويه من الكدر والآلام، أخذتيه وألقيتِ بكل الأحزان خارجاً، وجلستِ ملكة على عرش قلبٍ أدمته المآسي وأرهقته السنين. 

لقد أردتُكِ للعمر راحةً، وللحياة دواءً، وللعشق مسكناً آمناً، وللحب نهراً لا تنقطع أمواج طمأنينته.

طابت بكِ أرض مملكة قلبي، وحلَّ عليها الرخاء والحب والأمان.




الكاتب السوداني / أبوذر مصطفى يكتب نصًا تحت عنوان "غياب" 


Share To: