الكاتبة المصرية / د.  سميرة نور الدين عبد الحميد تكتب قصة قصيرة تحت عنوان "أضغاث  أحلام" 


الكاتبة المصرية / د.  سميرة نور الدين عبد الحميد تكتب قصة قصيرة تحت عنوان "أضغاث  أحلام"


على امتداد  هذا الحقل المورق بالحياة ، بينما  النسائم  تطوف بهامات الشجر ،   تزحف خلسة ، تهمس في أذن  الزهر بأن الفجر على وشك اليقظة ، يأتي هو ، على ضفاف النهر يجلس  ، ينتظر وعود الفجر ، أنَّ رسولاً من رسل الضوء  آت  بكل  نبوءاته ، ينسج   لمحبوبته  قلادة  من ضفائر الشمس ، يهديها لها بعد طول انتظار ،  فها هي  تستيقظ على وقع اقدامه خلف الباب  ، تحمل بشرى القدوم ، وبقايا  من وعود الفجر ، وضوء الشمس ، وبعض مآسي  الفراق .

جاء ... كلمة  ترددها  بسمة  ، وترددها نبضات قلبها ، ويقف اللسان مرتجفا  ، تناثرت من حوله الكلمات ، فطارت منها كل الحروف  ، فلم يملك غير الصمت .  ها هو  قد جاء  بتلك الأنفاس التي تحمل عبق الذكريات الجميلة ،  فتحت الشرفات  ، ليسمع الجميع  نبض ذلك  القلب  الذى اخرسه  الحزن .    

ترفع سماعة التليفون  ، تتصل  بصديقتها عفاف  ، تخبرها  بعودة  محمد ، لكنَّ  عفاف مازالت  تغوص في بحر  نومها  ، تبحر فيه دون قارب  أو مجداف  ، فتغرق   .    

تقترب بسمة  من  ذلك  الدولاب  ، تخرج هذا الفستان  الذى كثيراً  ما   أبدى محمد  إعجابه  به  ، وقنينة عطرها  ، وذاك السوار والعقد  .     

تندفع هي نحو  الباب  ، تطوق يداها  حول عنقه بلهفه  ، تنظر  لعيناه   نظرة عتاب  ، تتمتم   بصوت  رخيم  مستفسرةً :  لماذا  كل  هذا  الغياب ؟؟  ، تصدمها  ملامحه ، تتساءل  مدهوشةً : ألهذا الحد غيرها  الزمن  ، وأضناها  الفراق ؟!.

تنظر إلى الاعتاب  ، تراقب  كل الأشياء حولها ربما كان يطربها  اللقاء ، تعود   لتنظر إليه  مرة   أخرى  ، يصرخ هاتف  بداخلها  : " هذا  ليس  محمد " ، وهاتفٌ آخر يؤكد لها : أنَّه هو ، ولكن بطشت يد الزمن بملامحه ، فغيرتها .  

تفيقُ على صوته وهو يفك طوق يديها الذى طوقته به ، يبتعد  عنها  بضع  خطوات  ، يقول  لها : " يا سيدتي ، أنا لست محمداً ، أنا ساعي البريد ، وهذه رسالة جئت بها إليكِ " .

تسحب الرسالةَ من يده ، بأيد مرتعشة وقلب دام تحاول أن تخفي صدى نبضه الحزين والمنكسر ،  توقع بالاستلام  ، تغلق  الباب خلفه  ، تودع بشائر الفرحة و العودة  التي خانها الموعد .   

تدخل حجرتها  التي  كانت  ترتج  أركانها  من الفرحة ، لتسمعها صوت  دموعها المتساقطة  ، تحتضن الأرض ، تدفن فيها  أحلام كانت ، بينما مازالت يدها   ترتجف ، تفتح الخطاب  ، تقرأه  ، لم تجد به سوى  كلمه واحده  : " انتظريني "      يرافقها زهرة  ذابلة .







Share To: