الكاتبة المصرية / آية محمود عمر الياس تكتب مقالًا تحت عنوان "ربة منزل ولكن!"
ربة منزل يعتبرها البعض بمنزله سبة، كأنها شخص انزوى عن العالم لتصبح خادمة، شخص ضحى بكينونته ونفسه بمحض إرادته، كمن يلقي بجسده من ارتفاع شاهق وهو يعرف مايقدم عليه، لا أحد يدرك ما هو خلف هذا الأمر، ولا يعرفون معنى أن تكون أم، فدعوني أقص عليكم، من الجبهة الأخرى، من أم إلى الآخرين.
دائما ما كان يأسرني موقف خالد بن الوليد حين منيته، وقد ظلت مقولته قبل وفاته حاضرة في ذهني، أبت أن تختفي، فقد قال"لقد شهدت مائة زحف أو نحوها، وما في بدني موضع شبر إلا وفيه ضربة أو طعنة أو رمية، وهـا أنا أموت على فراشي، فلا نامت أعين الجبناء"، هؤلاء أقوام أرادوا إحداث تغيير في العالم، فلم يرغبوا في الرحيل بدون أثر لهم يذكر، لطالما أسرتني هذه الفكره، حتى تزوجت، ظننت أنها نهاية البداية، فكل ما بداخلك من حماس ينطفئ، من أعباء المسؤولية والأطفال، فأنت الآن لست وحدك، بل يجب عليك أنا لا تفكر في نفسك أبداً، فتصبح أنا نحن.
وهذا هو أشد الخطأ، أن تترك نفسك تنجرف تحت السيول العارمة من الحياة، حتى يصبح من الصعب عليك التعرف على نفسك، وإذا نظرت لصورتك القديمة، تقول: يالها من أيام لاتعوض.
عليكي أيتها الأم أن تجعلي كل يوم لا يعوض، لا تكترثي لمن يراكي لا تقومين بأي عمل مهم، فأنتِ ترين أقرانك من أصبحت طبيبة، ومن أصبحت كاتبة، كل مضى لتحقيق نفسه بينما أنتِ اندثرتي، هؤلاء لا يعلمون صعوبة أن تنامي متأخرة، أن تقلقي إن أصاب أحدهم مرضا، فيفارق النوم عينيكي، أن تستيقظي مبكرا لإعداد الطعام، أن تذاكري لهذا، وتحلي واجب هذا، وتحضري الماء، وتحممي، أنتِ امرأة خارقة، فإنتِ كنتِ ربة منزل فقط فهذا والله ثقل لايقوى على حمله الكثير، وإن الله لا يضع ثمرة على غصن لا يقوى على حمله، لذا حاولي أن تجدي بعض الوقت لنفسك، جدي هواية فطوريها، مهارة فأحسنيها، وإن قررتي أن هوايتك هي منزلك وأبنائك فأنتِ بطلة، أنتِ ذات أثر، أنت مربية للأجيال، ومحتضنة البذور حتى تصير ثمار، فلا تدعي أحدا يحجمك، كوني ما أردتِ أن تكوني.
وفي النهاية لا تدعي أقوال الآخرين تحزنك أو تثقل صدرك تخففي، فالدنيا تحتمل أثقال، افتخري بكونك ربة منزل وتذكري أمك ، كانت ربة منزل ولكنها جعلتك أنتِ، أنتِ القوية الصامدة، أنتِ البطلة، أنتِ وبكل فخر ربة منزل.
الكاتبة المصرية / آية محمود عمر الياس تكتب مقالًا تحت عنوان "ربة منزل ولكن!"
Post A Comment: