الأديبة المصرية / أ. فاتن فاروق عبد المنعم تكتب مقالًا تحت عنوان " عقوبة الغياب "
غيابنا عن المشهد دلالة على تقصيرنا، تركنا مكاننا شاغرا ومن الطبيعي أن يشغله غيرنا، المسكون بالكثير من الأهواء والمآرب التي لا تبغي بنا الخير.
يستمر سعيد في توصيف كيف ارتسمت صورتنا في أمريكا التي لم تبن ناطحة سحاب استشراقية كما أوروبا، فلا يوجد لديهم مشروع استشراق حقيقي يمكنهم من تكوين رؤية للحضارة الإسلامية الشاملة، وإنما يتم الحديث عن الإسلام في مناقشات عامة من خبراء متخصصين أو غير متخصصين، فقط إذا حدثت أزمة سياسية، فلا يوجد للقاري الأمريكي متن حقيقي أو مقالات جادة عن الحضارة الإسلامية الشاملة، بعكس أوروبا وأمريكا اللاتينية التي يعرف القارئ أو المثقف الأمريكي عنها الكثير بسبب الاهتمامات المشتركة التي تجمع بينهما، مثل النفط والإرهاب وإيران وأفغانستان، ومع بداية عام 1979 حيث الثورة الإيرانية، واحتلال الاتحاد السوفييتي لأفغانستان، ظهرت في وسائل الإعلام الأمريكية مفردات مثل:
هلال الأزمة، قوس عدم الاستقرار، صحوة الإسلام.
ثم يعرض سعيد الفرق بين عمق النظرة الأوروبية، والهوس الأمريكي الناتج عن الصورة المغلوطة التي رسموها للإسلام والمسلمين، فقد وضعت مجلة التايمز الأمريكية لوحة الفنان جيروم (رسام ونحات فرنسي من القرن التاسع عشر) على غلاف المجلة مدعومة بنص لا علاقة له بمضمون اللوحة “الإحياء النضالي” والتي هي عبارة عن صورة لمؤذن ملتحي يدعو المؤمنين بوقار للصلاة مشيرا إلى تناقض مفهوم اللوحة مع العنوان المرافق، وهذا الذي فعلوه خير تجسيد لنظرة أوروبا للإسلام والتي تختلف عن نظرة أمريكا التي تجهلنا.
ولكي نعلم حجم الكارثة
التي فعلناها بأنفسنا لأننا تركنا الآخر يرسم صورتنا بيده دون تدخل منا وكأننا فراغ لا يشغله ولا حتى غاز نبيل (الغاز النبيل أو الخامل هو الذي لا يتفاعل بالسلب أو الإيجاب مع مكونات البيئة المحيطة) ذلك لأن الباحث في جامعة أكسفورد أو بوسطن يكتب ويبحث طبقا لما كتبه نظراؤه وليس وفق ما كتبه المسلمون الذين هم موضوع البحث أو الدراسة.
ولي أن أسأل ما قيمة أساتذة الجامعات والمفكرين والكتاب في بلادنا إن لم يفرضوا وجودهم على الآخر المتغطرس الذي يرى نفسه العليم ببواطن الأمور.
ما من إعلام إلا وهو موجه، لأن هذا دوره بالأساس وهذا لا ضير فيه على أن يلتزم الموضوعية ولن أقول الحياد، فماذا يحدث لو تبنى هذا الإعلام قضية جوهرية مثل علاقة الشرق بالغرب، أو الإسلام بمضمونه الشامل، وهو لا يتكئ على متن حقيقي يمكن الرجوع إليه ناهيك عن الراسخ لديهم في اللاوعي عن أمة تقترب من مليارين، بالطبع النتيجة ستكون كارثية على الجموع (عليهم وعلينا).
لا أدل على ذلك ممن يشاع الآن أننا المسلمون نريد القضاء على البشرية حتى لا يوجد على هذا الكوكب سوانا، وهذا يقال ويبث آناء الليل وأطراف النهار في مختلف وسائل الإعلام في العالم كله كما إعلام الرايات الحمر في بلادنا، وفي الوقت نفسه الحديث مثار بحميمية عن رغبة الماسونية في استبقاء مليار واحد (المليار الذهبية) من ثمانية مليار عدد سكان هذه الكوكب ويبذلون للوصول إلى مبتغاهم ما لا يخفى على أحد، ونفس الإعلام الذي يوجه لنا هذا الاتهام هو نفسه الذي يشيع الحديث عن المليار الذهبية، فما هي طبيعة العقول التي تستقبل النقيضان من ذات الأبواق؟!
خبير رغم أنفه:
يصرح سعيد أنه إذا رغب الدارس أو الباحث الأمريكي في دراسة شيء ما عنا وليكن المذاهب الدينية في أفغانستان فإن تعامله لن يتعدى الحكومة والشركات والمؤسسات السياسية رغما عنه (وليس الهبوط إلى أفغانستان بنفسه ليسير على الأرض بين البشر موضوع بحثه، يعيش الواقع دون وسيط مؤدلج حتما سيؤثر عليه) وهؤلاء (الحكومة والمؤسسات السياسية) يعرضون عليه المكافآت (يطعمون الفم كي تستحي العين) وسيحددون له حدود نشاطه وتحركه حتى يتم في النهاية إلى تحويله إلى خبير رغم أنفه (خبير بمنطقة لم يزرها!!) وهنا يصبح غير نزيه الرأي والقول والذي سيترتب عليه قرارات جوهرية قد تشن بسببها حروب بأنواعها ويباد بشرا من مناطق دون ذنب أو جريرة، وقد يساقون للموت أفواجا وجماعات بسبب الخبير اللاخبير في ظل غيابنا الآثم فلا نعفي أنفسنا من المسئولية.
ثم ضرب لنا سعيد مثلا بالثورة الإيرانية والتي أطاحت بحكم الشاة الموالي لأمريكا دون تبني أحد الباحثين هذا الأمر مسبقا فقد كان لديهم اعتقاد جازم بأن نظام الشاة دائم، وأخفقوا في تحديد حجم المعارضة الدينية له داخل إيران كذلك بعض اليساريين داخل أوروبا والكارهين لنظام الشاة هم أيضا لم يستطيعوا التنبؤ باعتلاء الخميني للحكم في إيران.
تعقيب هام:
اختلف بشكل جذري مع سعيد في كون أمريكا وأوروبا لم يتنبآ بالثورة الإيرانية، وأنهم فوجئوا بالخميني، لأن الخميني كان يعيش بفرنسا ويرسل رسائل صوتية مسجلة على شريط كاسيت يقوم مستلم الشريط بتفريغ الرسالة للإيرانيين في الداخل في نشرات مكتوبة ومن غير المعقول أنهم لم يعرفوا، ولكن المقبول أنهم استهانوا لانشغالهم بالكثير لديهم، لأن إيران الشيعية ليست عدوا حقيقيا لهم بل العكس هو الصحيح مهما أشيع غير ذلك، وأن عداء الغرب بعامة هو لمسلمي السنة وليس للشيعة.
ثم ينتقد سعيد نموذخ الخبير اللاخبير من خلال لبنان التي ظلت لفترة طويلة ينظر لها على كونها نموذج للتعددية الحضارية حتى فوجئوا بالحرب الأهلية (1975 – 1982) بعنفها وضراوتها بما يشي بجمود البحث والدراسة التي اتكأ عليها الخبير اللاخبير، لأنه حبيس مكتبه بينما الأرض اللبنانية تموج وتتفجر بالكثير من الأحداث.
ومن أجل النقاط التي تحدث الفجوة الواسعة بين الخبراء أو المستشرقين الأمريكيين الذين يكتبون عن العالم الإسلامي أنهم لا يتقنون لغات سكان هذه البقعة بالتالي هم يعتمدون على ما يكتب في الصحف!! أو ما يكتبه غيرهم في العالم الغربي (أوروبا) في استقصاء معلوماتهم، وهو حال جد غريب حيث أن إتقان لغة الفئة التي هو معني بها يلغي الكثير من الفواصل والإبهامات بل وسوء الفهم، تماما كالأدب المترجم، بدلا من أن يكون التلقي مباشر من الأديب فإنه يكون عبر وسيط له اليد الطولى داخل نص الكاتب وهو المترجم مما يعوق صدق التناول بدرجة ما.
الخبراء الأمريكيون المعنيون بالعالم الإسلامي
لا يجيدون لغاته ويعتمدون على مصادر غيرهم حتى ولو كانت الصحف الذي يساق فيها الخبر طبقا لهوى رئيس التحرير أو حتى المحرر!
ولا يهم ما سيترتب على تقرير الخبير اللاخبير، مما يدل على أن الحروب الضروس في العالم الإسلامي، حروب إبادة، قتل جماعي، مجازر جماعية، محارق، لا يهم، ولا عزاء لجمعيات حقوق الإنسان والتي تعمل تحت مظلة الأمم المتحدة علينا والتي تم وضع بذرة إنشائها في بيت دعارة بأمريكا، فهل هذا يفسر لنا ما حدث للعراق العريق على أيدي همج وبربر زماننا.
نعم قلها بملء فيك، ولا يغرنك تقلبهم في البلاد، فالله يملي لهم حتى يأخذهم أخذ عزيز مقتدر،
قلها بملء فيك العراق العريق، فلو قدر لصدام حسين البطل الذي توفي شامخا مرفوع الرأس في وجه همج وبربر زماننا ومناديلهم الورقية في بلادنا أن يجري مناظرة بينه وبين جورج بوش الأمي سليل قطاع الطرق والذي نال شرف أن يمسه حذاء الزيدي «مع كامل اعتذارنا لحذائه» ليستخرج كل منهما أسماء أجداده لنجح صدام حسين بحساب بسيط أن يذكر أسماء أجداده حتى الآشوريين وربما آدم، ولعجز جورج بوش الأمي على فعل الشيء نفسه أن يذكر خمس أجداد فقط، هذا بفرض صحة نسبه.
لماذا إذن نستغرب حرب الإبادة
التي تشنها الصين على مسلمي تركستان (وليس الإيجور، فهم ليسوا طائفة وإنما تركستان بلدهم التي تحتلها الصين،
ولكن إعلام الرايات الحمر يسوق لك الخبر طبقا لما يريده الآخر، أي آخر ويحذرك من المساس بالآخر!!)
وحرق المسلمين أحياء في أفريقيا الوسطى، والهند عباد البقر والفئران وبوذا، وآلهة أخرى كثيرة ضع ما شئت من مسميات لها……….،
يعذبون المسلمين بكل وسائل التعذيب وينكلون بهم ويقتلوهم،
ومؤخرا سب نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام من أولئك الذين رائحة واحد منهم فقط كفيلة بجعل جمهور من عشرة آلاف شخص يفر عدوا نفورا وألما،
لأننا غثاء السيل، ننتفض لسب أم أكلثوم (مع الرفض التام لذلك)
ونفس المنتفضين لم يحركوا ساكنا لسب الإسلام والمسلمين على مدى آلاف من ساعات البث الفضائي، في بلادنا،
لم يتجرأ علينا أي آخر على هذا الكوكب إلا لتأكده من أننا قعود مع الخوالف ونخشى أن تصيبنا الدوائر.
وللحديث بقية إن شاء الله
الأديبة المصرية / أ. فاتن فاروق عبد المنعم تكتب مقالًا تحت عنوان " عقوبة الغياب "
Post A Comment: