الكاتبة الصحافية السودانية / ماريا النمر تكتب مقالًا تحت عنوان : ويستمر العنف ضد النساء المتمثل في ختان الإناث


الكاتبة الصحافية السودانية / ماريا النمر تكتب مقالًا تحت عنوان : ويستمر العنف ضد النساء المتمثل في ختان الإناث


ويستمر العنف ضد النساء المتمثل في ختان الإناث

هي عادة لا زالت تُمارس في السودان وهذه المرة ضحيتها الطفلة (هديل) صاحبة ال9  اعوام 



قبل يوم من وقوع الحدث وشوشت لها والدتها في أذنها  بكلمات تحسبها مهمة ثم تركتها في حيرتها تتوسط السرير ونهضت لمواصلة عملها في المنزل، الطفلة هديل  صاحبة ال9 أعوام تستعد لعملية الختان دون أن تدري ماهي المصاعب  التي ستجلبها لها في المستقبل البعيد، وتمت موافقتها تحت ضغط العادات والتقاليد لمجتمع ريفي بسيط وفي قرية صغيرة من قرى ولاية كسلا الحدودية التي تجمع مئات الأجناس المختلفة وبمختلف العادات والتقاليد إلا عادة (ختان الإناث) فجميع هذه القبائل تتفق عليه. 


اقتربت لحظات الختان للطفلة هديل،  وتجمعن النسوة

في الحي واصبحت كل واحدة تصيح للأخرى لحضور مراسم الختان؛ وهنا جهزت والدة هديل كل ما يجب تجهيزه للعملية . فستان الطفلة الجديد الذي ترتديه لابد  أن يكون متسعاً ومن خامة الأقمشة القطنية الباردة. كما قامت الوالدة بتجهيز طبق من الحناء التي تُعتبر زينة للطفلات عند الختان. ومن ثم تقوم الأم بتجهيز مكان منذوي وبعيد تقيم فيه الطفلة طيلة فترة الإستشفاء بعد العملية ولا يقرب هذا المكان الذكور من أخوان وأقرباء الطفلة المختونة بتاتاً. 


  وفي صبيحة يوم الأربعاء وعند العاشرة صباحاً طرقت  (الداية) منزل والدة هديل. و ( الداية) تعني المرأة قوية الشخصية صاحبة الرأي والقرار وهي التي تقوم بعملية الولادة للحوامل وتقوم بعملية الختان للإناث ويحدث ذلك كله بالممارسة والخبرة الطويلة في هذا المجال دون دراسة علمية محكمة وتتواجد (الداية) دائماً في المجتمعات الريفية التقليدية في المناطق النائية والبعيدة عن مراكز العلاج والمستشفيات.


استقلبت والدة هديل (الداية) بترحاب وأدخلتها إلى المكان الذي قامت بتجهيزه للختان. إلتفتت الداية هديل التي كانت تجلس بالقرب من والدتها في خوف وترقب وحذر مما سيحدث لها، صافحتها  (الداية) ثم سألتها إن كانت جاهزة لعملية الختان أو (الطهور) بالعرف  السوداني وهل هي خائفة أم شجاعة مع قليل من الغفشات التي تشعرها بأن الأمر في غاية السهولة وسوف تنتهي المهمة برمشة عين. 


صاحت والدة هديل للنسوة ليحضرن عملية الختان. وبعد مجيئ (الداية) تجمعن النسوة من الأحياء المجاورة  وفي أيديهن القليل من الزاد وبعض الحلوى وهذه من عادات أهل المنطقة لمباركة الختان.


قامت والدة هديل بتحضير كل ما تحتاجه الداية من أدوات الختان، والتي تشمل  آلة حادة  (موس) وذلك لبتر العضو التناسلي وبعض الأعشاب الشعبية ك (القرض) و(السكر) وذلك لإلتئام الجرح على حد قولهم و الذي يمكنه أن ينزف الكثير من الدماء. دون مساعدة طبيب أو جراح وذلك لأن عملية الختان ممنوعة ولا يمارسها الأطباء. 


ضجت الغرفة بالحدث. بعد أن إستلقت الطفلة على ظهرها بمساعدة متعاونات لكي لا تتزحزح و تتآذى جراء البتر، وبالفعل امسكت الداية بآلة القطع الحادة (موس) وقامت ببتر العضو التناسلي بأكمله وسرعان ما ملأت الجرح بأعشاب القرض المخلوط بقليل من السكر لوقف الدماء وهنا إنتهت عميلة الختان بصرخة داوية من  هديل وتمت تغطيتها بقطعة قماش من (القرمصيص) الذي يدل على الفرح ويرتديه العرسان كما يرتديه المختونين من الجنسين ايضاً.


ختنت هديل بنوع يسمى الختان (الفرعوني) وهو من أخطر أنواع الختان للنساء لأن العضو التناسلي يبتر بالكامل بينما هناك نوع آخر يسمى ختان (السنة) وهو أقل ضرراً من الختان الفرعوني وفيه يبتر جزء من العضو التناسلي ويترك الآخر . 


إنتهت العملية بألم الطفلة هديل التي بكت طويلاً وبزغرودة النسوة دلالة على الفرح تألمت هديل طويلاً بعد العملية كما تركت دراستها لأيام  لا تقل عن ال20  يوماً حتى تشفى وبعد ذلك تذهب إلى المدرسة. 


إلتقيت بالطفلة هديل وكانت لا تقوى على المشي أو اللعب مع الأطفال من سنها ثم سألتها أن تخبرني ما جرى لها، تحدثت بألم ولكنها خضعت للعادات والتقاليد كما ذكرت لي إن كل فتاة في سنها أو أصغر تتعرض (للطهور) كما يسمونه في قريتهم وعن غيابها عن الدراسة ما 

يقارب الشهر. 


قالت هديل: لم أخبر أستاذتي بما جرى لي فقط 

أقول: إنني مريضة لأنها كانت ستمنعني. 


وتحدثت ايضا  مع والدة الطفلة عن ممارسة هذه العادات الضارة بحياة النساء فوالدة الطفلة توافقني الرأي في الضرر الذي سيواجه إبنتها 

وفي ذاك تقول : هذه عاداتنا وتقاليدنا مهما كانت الصعاب فنحن لن نتخلى عنها وحتي كبارنا لن يتركونا نتخلى عن ختان بناتنا في هذه المنطقة وأضافت حتى أنا مررت بهذه التجربة التي يمكنها أن تحدث مخاطر عند الولادة وحتى ممارسة الحياة الزوجية يمكن للزوجة التي تعرضت للختان الفرعوني أن يقل إحساسها بالمتعة بفعل الختان الفرعوني ولكننا خضعنا له وخضعنا لعادات القبيلة وتقاليدها وكل النساء هنا في قريتي يتعرضن للختان من النوع (الفرعوني). 

هذه كانت جزء من قصص معاناة النساء والطفلات في قرى وآرياف السودان المختلفة.







Share To: