الأديب الفلسطيني / فايز حميدي يكتب قصيدة تحت عنوان "وَطنُ اليَاسمينِ والزَعترِ" 


الأديب الفلسطيني / فايز حميدي يكتب قصيدة تحت عنوان "وَطنُ اليَاسمينِ والزَعترِ"



تهويماتٌ في السَّاعة الهامدةِ من الليلِ ..

**  

                 -١- 

الشَّمسُ زَهرةٌ مُضيئةٌ 

تُضاحِكُ التِلالَ والأزهارَ في سرِها 

المَخبوء شَوقاً وحَنين  

وتُسيجُ المَعمورةَ والسَّماءَ والفلاةَ  بنورِها

وأغصانُ الدُّجى بالنّور تهمسُ 

 والدَّربُ يُصغي وَيروي 

وَذاكرةُ الوَرى جوعٌ وقهرُ

وطنٌ يُباعُ بالمزادِ 

وأسِرَّةٌ يرتبُ أغطيتها شرقٌ وغربُ !!  

وأحلامٌ تَوارى سِحرُها 

يَا عَاذلي لا تَلمَني جراحُ الحَياة أرهقتني

أنتظرُ بدراً يَمسحُ عن الليلِ سَوادهِ   

 تحتَ عَباءتي هَوى القُدس

 وَدمشّق أرضَ الذكرَياتِ ياقوتةَ القَلبِ 

 تشعلُ قناديلَ حُزنَها 

ويحفُّ في رئتيها الصَهيلُ

كم من السَكاكين مَزقتها  

وكم يُشقيني يا شامة الدنيا مَا يُشقيك !! 

                 -٢-

روحيَّ الثَكلى تَطوي دَربها النَّائي 

تَقرأ الوجوهَ 

تتصفحُ مزاجَ الرِّيح 

تنشدُ حلمها ، تلثمهُ 

وتشدُّ على ضلوعِ الجَائعينَ 

حيث قَوافل البؤس والأحزان والسَّقم ..

يَأخذني نفسٌ عميق ... 

 يا للحياة زهرةٌ ظامئةٌ 

زفراتُ صَدرٍ ، سنينٌ ثقالُ 

ظلمٌ على ظلمِ

                   -٣-

يا وطنَ النَّدى واليَاسمين والزَعتر 

دَبيب الباغي في شَهيقِنا وحشيُّ الشيم

ما ساسَ يوماً قضيةً إلا وَظلم   

ذِكرياتٌ انتضت أكمَادها 

وَطنٌ تَشظى وشعبٌ تَشرد

ومستقبلٌ باتَ في غياباتِ الدُّجى 

نَطوي دُروبنا والرُّوح تائهةٌ 

خُزامى الصُبح ذَابلةٌ 

وَزهرةُ الجُلنار أشْقاها الرَّحيل 

وأناملُ الأيامِ صَدى النَغم الحَزين

                -٤-

تلك البلاد التي تُمشط ضَفائر حُزنها

صَاخبة الضُّحى

مَذبوحةُ الخُطى 

كَفاها فَارِغتانِ 

عيّناها شَاردتان راعِشتان 

والدَّمعُ في الأجفانِ

والشَّوك يُدْمي الخَاصرة

والرُّوح مَغلولةٌ 

أناختْ على رَصيفِ الطَّريق أغلالها

وفي القلبِ نشيجُ اليَمام 

وَدمي المُراق في حبقِ المُخيم 

صهيلُ خيلٍ ، نهرٌ جَامحٌ 

يُغرقني في فَوضى الحَنين 

على مَرآى من فيضِ المَنافي !!

                    -٥-

يَا وَطناً !! 

يَا جُرحاً مَفتوحاً على المَدى 

أينَما وليتَ نَاظريكَ تَعانقتْ الجِراحُ 

وَنبتت على الأرواحِ تَجاعيدُ السِنين 

أنصتُ لنحيبهِ في عتمةِ الليلِ البَهيم

ما بين طاغيةٍ وقاتلٍ مأجورٍ وأحقاد الجِعَارُ*

                   -٦-

يا وطناً يبحثُ في دَيجورِ ليلهِ 

عن ضوءٍ 

عن ثَديٍ 

عن حُضنٍ 

عن بَريقٍ 

من يَدحرُ الغُربانَ عن جِراحهِ؟!

                  -٧-

يَا كَعبة الأوطَانِ يَا وَطني 

حُريةُ الأحرَار وطنٌ

 وحقلُ سنابلٍ 

واتقادُ الجِنان في ديجورِ المخَاطرِ 

بلادُ الطُغاة ليست بِلاداً :

وَجهٌ مُكفهرٌ

وزفراتُ صَدرٍ 

وردةٌ سَوداء 

 مَنفى واغترابُ

وأرواحٌ أُزهقت

وأفواهٌ مملوءةٌ بالماءِ 

متى تَرحلُ الظلمةُ عن فَجرهِ ؟ 

مَتى يَا صَاحُ يَبتسمُ الصَباحُ ؟! 

                   محبتي 

* الجعار : الضباع .


( القدس الموحدة عاصمة فلسطين الأبدية ) ..






الأديب الفلسطيني / فايز حميدي يكتب قصيدة تحت عنوان "وَطنُ اليَاسمينِ والزَعترِ" 




Share To: