الكاتب السوداني / أبوذر مصطفى يكتب نصًا تحت عنوان "بَيْنَنَا و الحزن"
صمتُُ وهدوء،قلبُُ وتقلُّب، روحُُ وجروح، نفسُُ وأرق، ليلُُ وسوادُُ في كل التفاصيل؛ هكذا تبدأ متلازمة الحزن، تتألف قصص الرعب النفسي،الهلاك المتدرِّج، والرحيل الدائم حتى وأنتَ بين الناس.
اضطربتِ المشاعر وتكدستِ الأحاسيس كأنّ ساعة الزمن قد توقفت عن الدوران، وفُقِدَتْ بوصلةُ الوصولِ، وضلَّ دليلُ الحياةِ السعيدةِ طريقه إلينا.
تغيّرَ كلُّ شيءٍ وكأنه لم يكن كما هو من قبل، نهضتْ تلك الجروح من مرقدها وبدأت بالنزفِ من جديد، أصبح القلبُ يائساً ونبضُهُ ينذرُ بالعد التنازليّ له، لم يكن الأمرُ بتلك السهولة؛ غدرَتْ بنا تلك الإبتسامات المزيفة، وأفتكَتْ بنا تلكَ الكلمات المنمَّقة؛ حينها لم يكنِ الأمرُ صعباً على جيش الحزن ليستوطنَ أرضَ قلوبِنا تحت إِمرتِهِ، صار الحزن يتسرب إلى عروقنا شيئاً فشيئاً؛ حتى فرضَ شعوره على ذلك القلب الذي كان شغوفاً ولا يبالي.
عند الليل وحلوكِ الظلام؛ يبدأ الحزنُ مغاراته والناسُ نِيامُُ، يدخل إلى مملكةِ الذكرياتِ فينفيَ منها كل ما هو جميل وآمل، ثم ما يلبث أن يذهب إلى مملكة صغيرة تدعى بالماضي فيحررَ كل أحداثها التي أرَّقَتْنَا منذ زمنٍ بعيدٍ، لا يعود جيش الحزن إلى بيتِه كل يومٍ فارغاً؛ بل إنه يزور تلك العجوز الضعيفة الشمطاء التي تسقيَهُ بماءِها قبل أن ينام وتصدر له الأوامر، فلا حزنَ يبقى طويلاً بلا تلك الخيبات، التي تروضُ الحزنَ في أعماقِنَا.
عدوَّنا الحزن؛ إنَّ القلبَ إذا أراد يوماً الحياة فلابدَّ للقيدِ أن ينكسر، سيأتِ ذلك الفجرُ القريب ويدُكُّ حصونَكَ دكّاً، سينجلي ذلك الظلام، ويعقبه فجر من السعادة والطمأنينة، سندرِك الحُبّ، وننسى أيامك السوداء تلك، فلا حزن يدوم مع جيش الأمل المغوار.
الكاتب السوداني / أبوذر مصطفى يكتب نصًا تحت عنوان "بَيْنَنَا و الحزن"
Post A Comment: