فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب : فضل عيادة المريض
من آداب السنة النبوية الجليلة التي سنَّها النبي صلى الله عليه وسلم لأُمته، وآداب المجتمع المسلم القِيَميَّة الرفيعة :
عيادة المريض وقد جاءت الشريعة الإسلامية بمحاسن الأخلاق والسلوك والإنسان لا ينفَكُّ من أحد حالين يتقلَّب بينهما بقدرة الله ومشيئته وهما العافية والابتلاء .
والمرض واقعٌ على الإنسان في تقلُّبات حياته،
وقد تعرَّض له صفوة الخلق من الناس من الأنبياء والرُّسل عليهم الصلاة والسلام .
وقد تأمَّلت بعض أبواب كتب السنة النبوية البديعة فوجدت نصوصًا كثيرة نبوية جاءت بأبواب وأدعِية وآداب فريدة في عيادة المريض، والدعاء له وزيارته بين الحين والحين وتخفيف الألم عن نفسه بالمراعاة والمواساة والدعاء وتعجَّبت مما اشتمَلت عليه حقًّا من معالم الأخلاق الفريدة .
#عيادة المريض في هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسُنته :
#فلقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم عيادة المريض من حقِّ المسلم على أخيه المسلم :
فعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنهما قال :
أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :
بعيادة المريض واتِّباع الجنازة وتشميت العاطس وإبرار المُقسم ونصْر المظلوم وإجابة الداعي وإفشاء السلام .
متفقٌ عليه
وعن أبي هريرة رضي الله عنه :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
حق المسلم على المسلم خمسٌ :
ردُّ السلام وعيادة المريض واتِّباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس .
متفقٌ عليه
#عيادة المريض طريقًا لرحمة الله تعالى وفضله وجنَّته :
فعن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن الله عز وجل يقول يوم القيامة : يا بن آدمَ مرِضت فلم تَعُدني !
قال : يا رب كيف أعودك وأنت ربُّ العالمين ؟ قال: أما علِمت أن عبدي فلانًا مرِض فلم تَعُده ؟ أما علِمت أنك لو عُدته لوجَدتني عنده ؟
يا بن آدمَ ، استطعَمتُك فلم تُطعمني !
قال : يا رب ، كيف أُطعمك وأنت رب العالمين ؟ قال : أما علِمت أنه استطعَمك عبدي فلانٌ فلم تُطعمه ، أما علِمت أنك لو أطعَمته ، لوجدتَ ذلك عندي ؟
يا بن آدمَ ، استسقيتُك فلم تَسقني!
قال : يا رب ، كيف أسْقيك وأنت ربُّ العالمين ؟ قال : استسقاك عبدي فلانٌ ، فلم تَسقه !
أما علِمت أنك لو سقَيته ، لوجدتَ ذلك عندي ؟
رواه مسلم
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
عودوا المريض وأطعِموا الجائع وفكُّوا العاني .
رواه البخاري
وعن ثوبان رضي الله عنه :
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم ، لم يزَل في خُرفة الجنة حتى يرجِع .
قيل : يا رسول الله ، وما خُرفة الجنة ؟
قال : جناها .
رواه مسلم
#عيادة المريض سببًا لدعاء الملائكة الكرام :
فعن علي رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
ما من مسلمٍ يعود مسلمًا غَدوةً ، إلا صلى عليه سبعون ألف مَلك حتى يُمسي ، وإن عاده عشيَّةً ، إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يُصبح ، وكان له خريفٌ في الجنة .
رواه الترمذي وقال : حديث حسن
#بل وتمتد هذه الرحمة الجليلة لتنال المريض الذي لا يَدين بديننا من أهل الذِّمة والكتاب :
فعن أنس رضي الله عنه قال :
كان غلامٌ يهودي يَخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرِض ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له :
أسلِم فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال :
أطِع أبا القاسم فأسلَم .
فخرَج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول :
الحمد لله الذي أنقَذه من النار .
رواه البخاري
#وكذلك شرَع لنا ما ندعو به للمريض في زيارتنا إياه :
فعن عائشة رضي الله عنها :
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيءَ منه أو كانت به قرحةٌ أو جُرحٌ قال النبي صلى الله عليه وسلم بأصبعه هكذا ووضع سفيان بن عُيينة الراوي سبَّابته بالأرض ، ثم رفَعها وقال :
بسم الله تربةُ أرْضنا ، بِريقةِ بعضنا يُشفى به سقيمُنا بإذن ربِّنا .
متفقٌ عليه
وعنها :
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعود بعض أهله يَمسح بيده اليمنى ويقول :
اللهم ربَّ الناس أذهِب البأس ، واشفِ أنت الشافي لا شفاءَ إلا شفاؤك شفاءً لا يُغادر سقمًا .
متفقٌ عليه
وعن أنس رضي الله عنه :
أنه قال لثابت رحمه الله :
ألا أَرقيك برُقية رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
قال : بلى .
قال :
اللهم رب الناس مُذهب البأس اشفِ أنت الشافي لا شافي إلا أنت شفاءً لا يغادر سقمًا .
رواه البخاري
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال :
عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
اللهمَّ اشفِ سعدًا اللهم اشفِ سعدًا اشف سعدًا .
رواه مسلم
وعن أبي عبدالله عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه :
أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعًا يجده في جسده فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ضع يدك على الذي يَأْلَم من جسدك وقُل :
بسم الله ثلاثًا وقل سبع مراتٍ :
أعوذ بعزَّة الله وقدرته من شرِّ ما أجد وأُحاذر .
رواه مسلم
وعن ابن عباس رضي الله عنهما :
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
مَن عاد مريضًا لَم يَحضُره أجَلُه ، فقال عنده سبع مراتٍ :
أسأل الله العظيم ربَّ العرش العظيم أن يَشفيك إلا عافاه الله من ذلك المرض .
رواه أبو داود ، والترمذي وقال : حديث حسنٌ
وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعودُه ، وكان إذا دخل على مَن يعوده قال :
لا بأْسَ طَهورٌ إن شاء الله .
رواه البخاري
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه :
أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اشتكيتَ ؟
قال : نعم
قال :
بسم الله أَرقيك من كل شيءٍ يُؤذيك من شرِّ كل نفسٍ أو عين حاسدٍ الله يَشفيك ، بسم الله أَرقيك .
رواه مسلم
وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما :
أنهما شهِدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
مَن قال :
لا إله إلا الله والله أكبر ، صدَّقه ربُّه فقال :
لا إله إلا أنا وأنا أكبر .
وإذا قال :
لا إله إلا الله وحده لا شريك له
قال : يقول :
لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي
وإذا قال :
لا إله إلا الله له الملك وله الحمد
قال :
لا إله إلا أنا لي المُلك ولي الحمد
وإذا قال :
لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله
قال :
لا إله إلا أنا ولا حول ولا قوة إلا بي
وكان يقول : مَن قالها في مرضه ثم مات لم تَطعَمه النار .
رواه الترمذي وقال : حديث حسنٌ
#وكذلك أباح للمريض أن يبوحَ ببعض ألمه ووجعه ؛ تخفيفًا عنه ودفعًا للكبت النفسي الذي ربما يعتري بعض النفوس الضعيفة :
قال الإمام النووي :
باب جواز قول المريض : أنا وَجِعٌ أو شديد الوجع أو موعوكٌ أو : وا رأساه ونحو ذلك وبيان أنه لا كراهةَ في ذلك إذا لم يكن على التسخُّط وإظهار الجزَع .
وجاء في الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :
دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يُوعَك فمسَستُه فقلت :
إنك لتُوعك وَعكًا شديدًا فقال :
أجَل ، إني أُوعَك كما يُوعَك رجلان منكم .
متفق عليه.
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال :
جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني من وجعٍ اشتدَّ بي فقلت : بلَغ بي ما ترى ، وأنا ذو مالٍ ، ولا يَرثني إلا ابنتي ، وذكر الحديث .
متفقٌ عليه
تلك إشارة عابرة لهذه السنة النبوية المحمدية والتي ينبغي على المسلم ألا يُقصِّر في القيام بها وبحقها ما استطاع إليها سبيلاً .
فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب : فضل عيادة المريض
Post A Comment: