الكاتبة الصحافية السودانية / هديل عبدالرحمن تكتب مقالًا تحت عنوان "الخرطوم بلد النيلين الأرض البكر، التي أصبحت بلاد القتل"
الخرطوم بلد النيلين الأرض البكر، التي أصبحت بلاد القتل،
الأرض الممتلئة بالدم، وأي دم؟! دم شبابنا الأحرار الذين قتلوهم ليستمتع شيابنا بالسلطة، السودان الحبيب وطن المحبة وأرض الخير والجمال الذي لا ينقصه سوى أن يهب الله له رسولاً من عنده ينصفنا وينصف الوطن من هذا الظلم، رسول لا يحمل صفات هؤلاء القتلة الذين يتسيدون الموقف فوق أفواه البنادق، بل ويوزعون الموت بالمجان في شوارع الخرطوم ومدن السودان الجميلة بدلاً من أن يملأو شوارعها بالأشجار والثمار ملأوها بالدماء بدلاً من أن يستفيدوا من قُدرات هؤلاء الشباب وطاقاتهم في إعلاء الوطن دفنوهم تحته ودفنوا أحلامهم معهم، أحلامهم التي كانت عبارة عن شعارات نادوا بها طويلاً وهتفوا بها ملء حناجرهم وكتبوها بالدم حرية سلام وعدالة! ولأجل الثلاثة كلمات هذه قُتلوا الكثيرين وكل يوم يسقط شهيداً جديداً بسببها.
كأن الشهادة حِكر على هذا البلد الحزين وكأن هؤلاء الشباب الشهداء ولدوا ليكونوا ضحايا حكومات عميلة مُتراخية، طموحهم فقط كراسيهم ومايسرقون من خلفها، ولا يهمهم مولود على تلك الأرض يحمل كلمة مواطن وله حقوق فيها وعليهم حقوق إتجاهه، ومن تجرأ وطالب بحقه سيكون مصيره السجن أو القتل.
لذلك في مثل هكذا وضع عليك أن تتظاهر متضطراً باللامبالاة كي تضمن سلامتك وإلا ستُقتل وللأسف هنا سيكون القتل المشرع بأسم الدين!
أصبحت حياتنا لا تشبه الموت ، بل الموت أجمل منها بكثير! حياتنا أصبحت عبارة عن قهر، وظلم، وضياع وحقوق، ومن شدة الضغوط التي نتعرض لها لكي ننحني وونصاع لرغباتهم، هناك من مات قلبه وأصبح خائن، أو قاتل، أو سارق، وهناك من لم يطاوعه ضميره وتهجر مُرغماً، وهناك من يتذوقون الويل في المعتقلات، وهناك من أرتاح من كل هذا للأبد أستشهد وأرتقى إلى رحاب الله حيث العدل الذي ثار له وقتل من أجله وهو في ريعان شبابه ولم يحدث.
ماذا لو كان الوطن هو القاتل والشهيد معاً؟
لقد أصبحنا شهداء قبل أن نصبح مواطنين!
أين يضعونا الآن ؟
هل يضعوننا فى خانة ضحايا التاريخ، أم فى خانة الشهداء؟
وما إسم الموت عندما يكون بسلاح جيشك الذي أقسم يوماً على حمايتك؟!
وما إسم الموت عندما يكون بإسم الدين ولوجه الله تعالى؟
تعددت الأسئلة والأسباب والموت واحد تعدد الشهداء وقضيتنا واحدة.
ما يؤلمني ويزعجني صوت البندقيه داخل الوطن! إنها لا تقتال مجرماً أو طامعاً في الوطن أو تدافع عن حقوق مواطن أو من أجل وطن بل تقتال فكر، وحرية إنسان أراد فقط أن يتنفس، أو قال كلمة حق واجبه عليه حتى لا يكون مع الشيطان في كفة واحدة،
نحن لا نريد سلطة أو كرسي ولا نطمع في أكثر من دولة مدنية نتمتع فيها بحريتنا دولة تحترمنا وتكافأنا وتحاكمنا بعدالة، كل البلدان التي إعتنقت الحريات حققت وبسرعة مجتمعات العداله الإجتماعية وهذا طموحنا وما خرجنا له .
في بلادنا الحاكم عندنا إله ممنوع من اللمس والإقتراب وهذا ما دفعهم للطغيان وهذا ما أعطاه الحق أن يقتل ويسفك الدماء.
حسبنا فقط أنهم شهداء في طلب الحريه من طغيان الحكومات الفاسدة.
أخبروني بالله عليكم ما إسم الموت عندما يقتل العسكري السوداني شقيقة، ذاك الشاب الطالب السوداني الصغير الذي يحمل هم وطنه؟
وذاك الأستاذ الذي لم يكن له ذنب إلا أنه رفض الظلم وكتب أبياتاً شعرية من واقع عاشه هو وعاشه شعبه وعكسه في ورقه. كدليل للأجيال القادمة أراد أن تكون تلك الكلمات كلمات للوعي والمعرفة وهو في الأصل رسول لذلك؟
ما إسم الموت عندما يكون بدم بارد من جندي مسلح لفتى أعزل خرج إلى الشارع ليطالب بلقمة عيش؟
رائحة الموت في السودان لا تستثني بيتاً ولا شارعاً، ربما هذا هو قدرنا المحتوم أن نُقتل بتلك الايادي الغادرة التي تحصد ارواحاً ربما كان ذنبها الوحيد حب العيش بكرامة ،ارواح تدفن احلامها قبل اجسادها، تسجن أفكارها لأن هذا هو مطلب القائمين على آمر بلادنا
نحن الآن شهداء نمشي على جسد وطن ينزف، شهداء لم يتمتعوا يوماً بالمواطنة.
أكتب لكم هذا ولا زالت حربنا مع عسكر السودان قائمة منذ العام 2019 وحتى الآن! ولا زالوا الشهداء يتساقطون في كل المدن ولا زالت الثورة السودانية العظيمة مُستمرة، والطغاة في رعبهم يرتجفون.
Post A Comment: