الكاتب السوداني / أبوذر مصطفى يكتب نصًا تحت عنوان "إنها التفاصيل يا صديقي"
إنها التفاصيل يا صديقي، دائماً ما تأخذنا بعيداً، وتشتت أفراح اللحظات الجميلة، إنها تعبث بدواخلنا، تنقلنا من لهفة الشوق إلى قاع التفكير اللا متناهي، تجعلنا نرْتَبِك في شعورنا، تهمس لنا أنّ كل شيءٍ ليس كما نراه، تخبرنا أن هناك شيئاً ما، تصحبنا برفقتها نحو البحث عن المجهول؛ حتى وإن لم يكن موجوداً، لا تزال تستنزف من طاقة تركيزنا المتفانية، تجبرنا أنْ نضطرب رغماً عنّا، لا نملك خيار إخفاءها؛ ستظهر على ملامح وجهنا البائس أو المبتسم، في تعرجات جبيننا حين نحسها، في ضحكة يتقطع صوتها حين ترى التفاصيل، إن التفاصيل مثل طفلٍ رضيع أصابته الحمّى، ولا يستطيع أن يتحدث، فقط تبقى صرخاته معبرةً، إننا ما زلنا هنا نصرخ من ألمها، ولكن دون بَوْح، دون إبداء جزء صغير منها لمن حولنا.
نذهب بها بعيداً، لتنجب لنا الإستفهامات، وأسئلة بلا إجابات، ونبحر في قاع اللا شيء، لنغرق هناك، حيث ضجيج الذاكرة الذي لا ينتهي عند رؤيتها، ترغمنا التفاصيل للرجوع لماضينا الدفين، وأحياناً لمستقبلنا قبل أوانه، ستظل حاضرة فينا، باقية في عقلنا تلهو، لأنها التفاصيل.
الكاتب السوداني / أبوذر مصطفى يكتب نصًا تحت عنوان "إنها التفاصيل يا صديقي"
Post A Comment: