الأديب المصري / إبراهيم الديب يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "الفلاحي بتلاته أبيض "


الأديب المصري / إبراهيم الديب يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "الفلاحي بتلاته أبيض "


كنت أعمل وأنا صغير مع الصبية زملاء الدراسة أثناء أجازة الصيف المدرسية فى ورش دمياط وكان أكثرنا يأخذ معه رغيف أو أكثر من أجل تناول وجبة الغداء بعد أن يشترى غموس له والذى لا يخرج غالبا عن: مغرفة فول مدمس من القدرة تغرق الرغيف. لنتعامل معه بعد ذلك بصعوبة وحرفية شديدة تمليها غريزة الجوع.. بعد أصبح الرغيف شيء لا أستطيع وصفه مهما أوتيت من فصاحة وبلاغة أو تحديد معالمه فى حالة الجديدة التي أصبح عليها بعد أن توحد مع الفول المدمس مضروب بمغرفة القدرة ثم بيد صاحب المطعم القوية الذى يتعامل مع الرغيف على طريقة الملاكم محمد على كلاي وهو يسدد اللكمات لمنافسه وغريمه فريزر ما علينا ......كان هناك من سكان دمياط ومن المعلمين من يشتهون تناول أرغفتنا القروية الفلاحي ويحسدوننا عليها كنت مندهش و أعد ذلك من المستحيلات فكيف يعجب معلم من دمياط بأي شيء من قريتنا :دمياط أل فيها مولد أبو المعاطي ممتلئ بالحمص وحب العزيز وحلاوة كسر القدوم، وسوق الحسبة والبوسطة وعربيات ملاكي ، وشوارعها مسفلتة وواسعة ومنورة وبيوتها عالية والسقف بتاعها ما بيخرش ميه فى الشتا ومحلات البقالة ممتلئة بالبسطرمة والرنجة الهولندي والجبنة الرومي وفيها السينما التي تعرض أفلام بروسل والفيل صديقي... أندهش لذلك كثيرا كيف يعجب أحد سكان هذه المدينة لأ وكمان معلم بخبيزنا وأرغفتنا ؟ وبعد أن اعتبرت أن: هذه عجيبة من عجائب الدنيا السبع :قام أحد المعلمين السذج من وجهة نظري مبادلة رغيفه الأبيض الفينو برغيفي الأسمر الفلاحي والمدهش أنه سعيد ويعتبر نفسه الفائز بالمبادلة ، وهو من أطلق علي الرغيف أسم الفلاحي... كلا منا أنا و المعلم يعتقد أن عملية المبادلة صفقة رابحة بالنسبة له ويحرص أن لا تفضحه مشاعره أمام الآخر ،وكان المعلم هو صاحب عرض المبادلة ، ثم أكدت عليه أنه لا رجعة فى العملية إذا تمت خوفا من ضياع الرغيف الفينو الذى أشتهى تناوله أكثر من اشتهاء المعلم رغيفي الفلاحي فهي صفقة رابحة من وجهة نظري ...تكررت عملية تبادل الفلاحي بالفينو بيني وبين هذا المعلم كثيرا .......ثم قمت برفع سعر الرغيف الفلاحي بعد أن أشتد الطلب عليه من أكثر من معلم وأصبح برغيفين فينو بعد أن طلب المعلم منى رغيف آخر لمعلم صديقه و بعد اتفاقي مع صبى من زملائي كان يتناول الغداء معي فى نفس المطعم بأن نعطى رغيفه لصديق المعلم. وافق زميلي الصبى معتقدا مثلى أنهم ناس هبل ومخابيل: لموافقتهم مبادلة رغيفنا الفلاحي القروى برغيفين فينو لمدينة دمياط ...أستمرت هذه العملية التجارية على ذلك فترة من الوقت ... ثم أصبحنا نأخذ حقنا نقدا أي قرشين لكل منا وحتى لا يكون تبادل سلع فقط وافق المعلم الذى يبادلني على ذلك وما زالت تتملكني الدهشة من صنيع و عبط وغفلة الرجل و سذاجته فى تناول أرغفتنا ........ كان غاضب فى المرة الأخيرة: عندما أعلنتها صريحة أننى لن أبادل الرغيف الفلاحي بعد ذلك بأقل من ثلاثة أرغفة فينو أبيض بعد الأن: بعد أن أخذت أعدد فى مزايا الرغيف الفلاحي بعد أن تأكدت من جهات محايدة مستقلة تماما و ليست لها مصلحة من قريب أو بعيد فى عملية المبادلة أن تناول الرغيف صحى لمن يتناوله أكثر من الفينو وأن قيمته الغذائية أفضل لجسم الإنسان من الأبيض وأشهى أثناء عملية التناول وأسهل في المضغ والبلع والهضم.. وكانت دهشتي لتلك المعلومات كبيرة فأنا ما زلت غير مصدق أن قريتي تنتج أو تصنع شيء يعجب به أهل المدينة ...ذكرت للرجل أن دقيق الرغيف الفلاحي منخول و يمر بعملية تخمير وعجن وتسوية فى النار هي الأفضل على الإطلاق حتى يظهر لمن ينظر إليه بهذه الهيئة : فيصبح قابب منفوخ قبل مذاقه الشهي... أستمع الرجل لشرحي وتحليلي جيدا ، ولمبرراتي المنطقية لرفع السعر : ويبدو أنه أقتنع، ولكن لم يمنعه ذلك أن يتهمني بأنى وظفت حاجته للسلعة وأننى قمت باستغلاله.. قبل أن يوافق مباشرة أن يكون الفلاحي بثلاثة أبيض ...






Share To: