الكاتبة السودانية / دان حاتم تكتب نصًا تحت عنوان "عتمة النجوم"
في غيابك، انتظرتُ كثيراََ في المكان المعتاد -وعلى نفس المقعد- على ضفة النيل جلست، أُراقب صفحة السماء المرصّعة بالنجوم، ضوءُها يلمع في قلبي الممتلئ ظلامًا، وكأنها ترسل إشارات لتهدئته.
أتُرى تغيرتِ النجوم أم أصبحت لا تبالي؟
وأنا التي كنت أراها بطريقة مختلفة، تصنع في قلبي الكثير من البهجة والهُيام.
وجهت نظري إليها، وخاطَبتها قائلة:
ماذا عمن هجرني؟ وترك داخلي قلباََ لا ينام، مقل لاتجف ولساناََ قليل الكلام!
أخبرتها بأنني كبرت كثيراً، أحبني الكثيرون ولكني أحببت مرة وكرهتُ مراراً.
كرهتُ قلبي عندما أحَبه! بكائي ليلاً، عقلي الذي مَلَكهُ، تفكيري المستمر، قلقي الدائم على حاله، وأيضاً شوقي له.
عاودتها سائلة:
أكانت الأيام الغابِرة هي السبب؟ ماذا لو كنتُ إلى الآن محاصرة بالذكريات عبثاً؟
قطعاََ لمللتُ الانتظار، والوقوف على الأرصفة أراقب العابرين بصمت -أنظر لتلك الملامح المختلفة- وأخاطب نفسي:
"أخذَ من هذا الرجل العينين المتسعة، من الصبي هرولة المشي، من ذاك الشاب طول القامة، من تلك السيدة التي تعطي المتسوّل العطف، ومن هذا الطفل لون بشرته الأسمر الجميل.
أيُعقل أن كل هؤلاء يشبهونه! أم أني من كثرة التفكير أصبحت أراه بين المارة و العابرين؟"
وعلى تلك الطرقات ... أتخيل خطواته السريعة، صوته الجهور، ابتسامته الجذابة، لحيته الداكنة، حاجباه المعقودان، وحُسن اختياره للأشياء.
ولكن، كُلّ هذا لم يحدث! فأنا لم أراقب المارة ولم أنتظر على الأرصفة لساعات ولم تفتني يومًا محطة بسبب التفكير. فالذكريات القليلة كانت كاذبة، ولم تكُ حقيقية.
حتى أنتِ أيتها النجوم لم تكوني حقيقية، كنتِ تحاولين أن تلمعي وأنتِ انعكاس.
حينها أدركت أن ليس للأيام يداً في ذلك، ولا للذكريات ذنب فيما نُسِب إليها، إنها فقط لعنة أصابت قلبي الذي لطالما كان ينبض لأجلك.
Post A Comment: