الكاتب المغربي / إلياس الخطابي يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "يوم لإنسان عاطل عن العمل" 


الكاتب المغربي / إلياس الخطابي يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "يوم لإنسان عاطل عن العمل"




إستيقظت باكرا ،ظللت أحدق في الفراغ ، احدق وأحدق ، أنا في حيرة ، ذهني يملأه ضجيج ، كأنني لم أنم اطلاقا ، قوتي لم تتجدد ، بل إستنزفت أكثر .  أحن إلى الأيام التي كنت انهض فيها بذهن صاف ، خاو من كل شيء ، كأنني أخلق من جديد . لا شيء يغري ، لا شيء محتمل ، كآبة تأسرني من كل جهة ، بين فترة وأخرى ، ريح خفيفة تصلني من النافذة . 



أفكر فيما أفعل ، وما لا أفعل . قبل أن أنام ،وعدتني بالكثير ، أفعل الكثير وأترك الكثير . الآن لم أعد أتذكر بما وعدتني بع ، ذاكرتي ضعفت ، شاخت بالهموم ، تحملت اكثر مما لا أطيق  ، وصلت إلى مرحلة ،أنسى فيها كل شيء . 



لم أستطع النهوض من السرير ، ليست عندي رغبة ، لا في النوم ولا في النهوض ، كل شيء أراه قذرا . لا جديد يذكر ، فقط قديم يعاد ، أعيده وأعيده ، صرت أعيش الماضي ، تركت الحاضر ،أوهمتني أن المستقبل يأتي ،حينما نتعظ بالماضي . لم أتعظ بما عشته من قبل ،وما اقترفته من أخطاء ، فقط افكر وأفكر ، أسب الذين جعلوني جثة هامدة ،أتحسر على ماضي السيء  ، أشتم العالم ونفسي ، أسبني وأسبني . سألتني كما أسألني دوما  :


-أين حظي ؟ 



اسئلة كثيرة تملأ ذهني ، لا أجيب عليها . 



مكتئب ،حزين وبائس ،لا اعلم ماذا أفعل ،ذاكرتي معطلة ،جسدي لم يعد يسعفني ،أصابعي أحركهم بصعوبة ،قدماي متورمتان .أسناني سوست . أهملتني ،وأهملت كل شيء يخصني . 



نهضت ، غسلت وجهي بماء بارد . قلت لنفسي متسائلا: 

- الآن عن ماذا سأحتج ؟ 



سأحتج عني ، وعن الوعود التي اعدني بها وأنقضها ،او عن الجميع .سأحتج عن الذين جعلوني جثة هامدة ؟ . 



أدور وأدور ،بدون رغبة ،هذه هي عادتي في الصباح ، أتجول في المدينة ، وأتسكع أيضا في المواقع ،علبة الرسائل فارغة دوما ،لم تصلني رسالة من أحد ،منذ أمد أصدقائي نفروا مني تباعا ، وآخرون نفرت منهم . لا يريدونني في حياتهم ، وأنا لا أريد أحدا في حياتي .فكرت في مراسلة الكثير. وأن اخبرهم بأنني بائس ووحيد .الوحدة أخافها أكثر مما أخاف أي شيء. صدق بوكوفسكي حينما قال :


-الحياة تنهك المرء حينما يكون وحيدا . 



أتجاهل وأتناسى ،كل الخيبات .لا أتكئ على أحد .كل شيء هش وقابل للانكسار ،هذا ما قرأته في كتاب لا اتذكر إسمه .



تعثرت في مكاني كما أتعثر دوما ، ظللت  أتسكع في أزقة المدينة  حتى غربت الشمس .


عدت للغرفة وحيدا ، وبائسا أكثر ،وأنا أردد :


نهاري مضى كما مضت الأيام الأخرى






Share To: