حديث الجمعة | القدوة الحسنة 60 بقلم فضيلة الشيخ أنور توفيق موجه الوعظ بالأزهر الشريف
أيها القارئ الكريم حدثتك فى الجمعة الماضية عن معنى الأخلاق لغة واصطلاحا وحاجة المجتمع إليها واستجابة للحملة التوعوية التى أطلقها الأزهر الشريف
( وقوم النفس بالأخلاق تستقم)
أحدثك اليوم بإذن الله تعالى عن خلقٍ من الأخلاق المحمودة وهو خُلق الصدق
خاصة بعد أن اعتاد الناس الكذب وأصبح غاية لتحقيق أهدافهم دون ما وازعٍ من دين أو رادعٍ من خُلُق
الصدق حسب تعريفه عند فقهاء الدين الإسلامي هو قول الحق ومطابقة الكلام للواقع، وقد أمر الله -تعالى- بالصدق، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ١١٩التوبة:
والصدق ضدُّ الكذب،والصدق منجاة وهو أول دروب الخير ووصفُ المؤمنين والأنبياء والصالحين، وقد امتدح الله سبحانه وتعالى الصدق وذكره في أوصاف أهل الجنة وأمر الناس به كما جاء في العديد من الأحاديث الشريفة التي تحث على الصدق، لأن فيه من الخير الكثير. وأخبر عنه الرسول عليه الصلاة والسلام بأنه طريق للبر. ومن المعروف أن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام عُرف بأنه «الصادق الأمين». فالتحلى بالصدق هو التزام باخلاق نبى الأمة
صدق الله
يقول الله: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ١٢٢ النساء: فلا أحد أصدق منه قولا،
وأصدق الحديث كتاب الله تعالى: ﴿وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ٢٢الأحزاب:
صدق الأنبياء عند المسلمين
أثنى الله على كثير من أنبيائه بالصدق، فقال القرآن عن نبي الله إبراهيم: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ٤١مريم
وقال الله عن إسماعيل: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ٥٤مريم:
وقال الله عن يوسف: ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ﴾ ٤٦يوسف:
وقال القرآن عن إدريس: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ٥٦﴾ مريم:
وكان الصدق صفة لازمة للرسول، وكان قومه ينادونه بالصادق الأمين، ولقد قالت له السيدة خديجة عند نزول الوحي عليه: إنك لَتَصْدُقُ الحديث.
أنواع الصدق في الإسلام
الدين الإسلامي يفرض على المسلم أن يكون صادقًا مع الله وصادقًا مع الناس وصادقًا مع نفسه.
الصدق مع الله: وذلك بإخلاص الأعمال كلها لله، فلا يكون فيها رياءٌ ولا سمعةٌ، فمن عمل عملا لم يخلص فيه النية لله لم يتقبل الله منه عمله، والمسلم يخلص في جميع الطاعات بإعطائها حقها وأدائها على الوجه المطلوب منه.
الصدق مع الناس: فلا يكذب المسلم فى حديثه مع الآخرين، وأيضا موافقة الظاهر مع الباطن في الأقوال والأفعال، فإذا لم يكن كذلك كان من علامات النفاق. وقد رُوي أن النبى قال: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» (البخارى).
الصدق مع النفس: فالمسلم الصادق لا يخدع نفسه، ويعترف بعيوبه وأخطائه ويصححها، فهو يعلم أن الصدق طريق النجاة، قال ﷺ: «دع ما يُرِيبُك إلى ما لا يُرِيبُك، فإن الكذب ريبة والصدق طمأنينة» (أحمد والترمذى والنسائى).
صدق الحديث: فالمسلم يقول ما يعتقد، وإلا كان في إيمانه شيء من النفاق، ومن صدق الحديث ألا يحدث الإنسان بكل ما سمع، وبحسب المرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع.
صدق المعاملة: ولها صور عديدة، منها، صدق البيع والشراء، عن أبي خالد حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا؛ فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما» متفق عليه. جعلنى الله وإياكم من الصادقين وجمعنى وإياكم يوم الدين بصحبة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وإن كان في الأجل بقية فالحديث موصول مع فضائل الصدق وجزاء الصادقين.
Post A Comment: