الكاتب اللبناني / امجد سليم يكتب مقالًا تحت عنوان "تبقى الأماكن" 


الكاتب اللبناني / امجد سليم يكتب مقالًا تحت عنوان "تبقى الأماكن"


 الموت حياة وليست النهاية

الموت حياة وليست النهاية ، الموت حياة للذي لم تكن به حياة من قبلِه .. 


فبعد الموت تحيا الذكريات التي كانت ميتة في الماضي .. 


تصبح الاماكن حية ، يسمع فيها الجماد .. تكون للحجار حنية مطلقة ! حتى الجدران فيها من الكلام ما لم يسمع قَط. 


ذاك الشارع و هذا الرصيف .. هنا رأيناهم اول مرة ، هذه الشجرة وتلك الكلمة المحفورة ، هنا احبوا النظر وهناك قالوا ان الجلوس مريح .. 


الأبواب عندما طرقت .. كانوا خلفها منتظرين ، وامام هذا البيت كم من مرة انتظرنا ، للنافذة قصة طويلة والغرفة لا تصمت ابداً .. بعد رحيلهم ! 


هنا جلسوا وضحكاتهم كانت مسموعة ، هنا رقصوا وتعانقوا 

هنا كانوا يعشقون البكاء وهناك كانوا يهربون من زحمتنا .. 

هنا تراضوا بعد الخصام وهنا ودعوا اغلى الناس .. 


للمجالس حياة ، للأرصفة حياة ، للمنازل للمقاهي لكل مكان كانوا وكنا سوياً لحماً ودماً ثم باتوا اطياف ، جعلوا الحجر يتكلم وهم صمتوا للأبد .. 


بعد الموت ، نعيش بذكرى من فقدناهم وثم نقتلهم مع مرور الوقت ، في زحمة الحياة تضيع المواقف والكلمات والمشاعر لكن الجماد يبقى .. لا وقت يمر عليه ، لا يتغير مهما سار من حوله بشر ، مهما تغيرت الدنيا تبقى الأماكن. 


لكنه جماد ، لا يشعر .. مهما تمنينا لو يظهر طيفهم مرة ، نطرق الباب ويكونون ، نتعانق ونترافق ونشيب سوياً .. امام الباب يعود كل شيئ الى البداية كأن شيئاً لم يحصل ! 


الجماد فقط يبقى .. لا الكلام ولا الوعود ولا الأشواق فقط الجماد الذي لم ننتظر منه شيئاً اصبح موجوداً في كل شيئ 

الجماد الذي لم يتكلم ابداً اصبحنا نسمعه ونشعر به ونتواسى بصوته ونداوي الأنين .. 


فقدناهم ، رحلوا وأخذوا كل شيء وبقيت الأماكن.






Share To: