الكاتبة السودانية / ندى حيدر تكتب مقالًا تحت عنوان "لنتفكر"
وما الحياة سوى إيقاعٌ منتظمٌ مُستمر تبدأه خلاياك وتنقله لذات الجمال بجانبك؛ فتنتج تياراً من الأمل يُقلّص فؤادك فيُنشِئ النبض فتحيا.
وبترانيمٍ متناسقة جداً يستهل الحفل معلناً فصولهِ الإثنان وسبعون نبضة فتعزف لحناً فريداً، تستبق فيه الأُذينات عشقاً وتليها البُطينات فيمينها يُقبّل الأبهر ويسارها يتدلّل مع الأجوفين، يتراقصان بانسجامٍ تام يَنثُران الإلفةَ في الوجوه، يُقدِّران كل سَكَنةٍ من سكناتهم فكل رقصة نبضة وكل حركة حياة.
حفلٌ مستمر لا يتوقف؛ يأتي وفده من كل بقاع الأنسجة، يأتون مُتمهِّلون يجرجرون الخيبات أذيالاً، فارغةٌ أجوافهم لا يرتسم بمخيلتهم سوى الخَوَى، باحثون عن شئ ما ربما عن جوهرهم المفقود، متسائلون كيف يبقون على قيد الحياة بلا معنى.
يعزف اللُبّ لأجلهم معزوفةً تلخص نهج القُطُون بهذا الكوكب فيبتسمون لدفء مواساتها وتنتشي أرواحهم استلذاذاً بإيجادهم فقيدهم، فيغادرون مسرعون مثابرون تعتليهم البهجة والمسرات؛ بهجة الوعي بذاتهم والإدراك لحقيقتهم ورسالتهم التي يُحتّم إيصالها، فتزدان أثواب القطرات وهي تحمل أوكسجين العمر رسالةً توصِلها لمُبتغاها ثم تُعاود فتتجدد وتواصل المسير توانٍ وحباً في الطريق لا لهفةً في الوصول.
هاهي ذا أصغر قطرةٌ فيك تعلم وجهتها من العالم، بأي خليةٍ تعيش وأي وريد تسلُك فماذا عنك أنت؟ ألم تبحث فيك؟ ألم تتساءل لما انت هنا في هذه البقعة من العالم؟ ألم تجد جوهرك بعد؟
بكل نبضة ترسل بؤرتك قوة دافعة من اليقين وتُردد استمراريتها محفزاً، فهل من متفكرٍ فيه؟!
تفكر، تجدد، تحرك، إبدأ، ثابر، قاوم، واستمر فالاستمرارية سر الحياة، والسكون مهد الموت.
فسبحان الذي صورنا فأبدع فينا!
Post A Comment: