الأديب العراقي / عماد الدعمي يكتب قصيدة تحت عنوان "البوحُ عندَ المقابر"
أدورُ وفـــي رأســي هَواجسُ شاعِرِ
وَيفصِحُ عن ذاتــــي نَزيفُ مَشاعِرِي
أحاولُ أن لا أمتطــــي صَهوتـي ولا
أحلّقَ كــي مـــــــا تَستريحَ دَفــاتري
فَكمْ من قَصيدٍ حَمّلَ النّفسَ بــالأذى
وَحاولتُ اُخفيـــــــهِ وَلَـسْتُ بقـــادِرِ
وَيفضحُنـــي حَــرفي فَكيفَ التّسترُ
أتُخفـــــــــى قَناديـــلُ السّماءِ لناظِرِ ؟
أدورُ وفي رأسي ضَجيجٌ من الأسى
واخفــــــي بطيّاتــــــي أنينَ مُساهِرِ
وأحبسُ أنفــاسي وَكـلّــي مَواجِــــعٌ
وأدري بـــــــــأنّ البوحَ عنــدَ المَقابِرِ
كمنْ قالَ للأمواتِ هَلْ مـــــن إفاقةٍ ؟
عَلامَ إذنْ نَزفــــــــي بهذي المَحابِرِ ؟
عَلامَ أمنّي النفسَ خيرًا لأنتشـــــي ؟
وَحولي وفي أرضي نيابُ الكواسِرِ !
عَلامَ أضحــــي والمَنايـــــا مَطيّتي ؟
وَحولــــي زَناديــقُ الرّدى بالخَناجِرِ !
عَلامَ دُعائي والدّيـــــــانةُ غايــَـــــةٌ ؟
لنهبٍ وَسلبٍ أو لبيــــــــــعِ الضّمائرِ !
أنــا القاتلُ المقـتولُ والحبُ مَنْهَجي
أفرُّ بروحـــــــــــــي من قَبيحٍ كطائرِ
أموتُ وأحيــــــــــــا كلَّ يَومٍ بلحظةٍ
وألبسُ ثوبَ العزِّ حيـــــــــنَ التّفاخِرِ
وأدري يَقيــنًا أنَّ سيــــــفَ الخِيـــانةِ
سَيطعَنُنــــــــــــــي يَومًا بطعنةِ غادِرِ
ولكنّنـــي مـــــــا دمتُ من نَسلِ حرّةٍ
سأبقـــــــــى بوجهِ الظّلمِ دومًا كثائرِ
وَيبقى قَصيدي فَـوقَ مَـغزى القصائدِ
لأنّ سمــــــــــــــوَّ الـشّعرِ نُبْلُ السّرائرِ
وَفحوى قَصيدي أنْ أقـــــولَ لمنصِتٍ
إذا مــــــا فَهِمتَ القصدَ فامضِ كَعابِرِ
لأنّ مَرايا الشّعرِ تَعكسُ مــــــــــا ترى
وَتكـشفُ مَخفيًـــــــــا وَراءَ السّــواتِرِ !
وتُظهـرُ إحـســــاسَ الصّدوقِ بحسرةٍ
وثمَّـةَ فـرقٌ بيــــنَ رِجــــــسٍ وطاهِرِ !
سئمتُ وَجرّبتُ الصّيــــــــامَ ولمْ أبحْ
وَجاهدتُ حتــــى ضاقَ صدرُ المُكابِرِ
وَضاقتْ بـــــــــــي الدّنيا بكلِّ بقاعِها
وَلــــــــــمْ يَبــقَ إلاّ يأسُ ذاكَ المُغامِرِ
وَضجّت قراطيســــي تَجوبُ بحبرِها
لترفــــــــــــعَ آذانَ السّــما بــــالمَنـائرِ !
فمــا أنْ تَهــــادى صَــــوتُها للخـــلائقِ
تَوضّـــأ أحــــــــــرارٌ وصَــــلّوا لغــافِرِ
وَأمَّ إمـــــــــــامُ الفاسقيـــنَ جَماعـــةً
يَبيتونَ ليــــلاً فـــــــي بيوتِ العَواهِرِ !
أدورُ وربـــــــي شاهــدٌ مـــــــا تَلوّعي
وما البوحُ إلاّ لوعةٌ مــــــــن خَواطري
أدورُ فمنْ يـَــــــدري مَسيري وَرحلَتي
وما البوحُ إلا خطوةٌ مــــــــــن مُسافِرِ
أدورُ فمنْ يَرقـــــــــــــى ليفهمَ مَنْ أنا
وما البـوحُ إلاّ ثورةٌ مــــــــــن مُخاطِرِ
أدورُ وفــــــــــي رَحلي حَقائبُ يائسٍ
ويا لَيْتَنـــــــــي أدري مَطافَ المُهاجِرِ
أدورُ بـــــلا مَرســــــى وأدري بأنّنـــي
سأبقـــى سَجينًا فـــــي زَوايا دَوائري
أدورُ وعنــــــــــــــدي الفُ جُرحٍ وَعِلّةٍ
ولمْ يبقَ عنـــــــــدي عَزمُ ذاكَ المُثابِرِ
ولكنّنـــــــــي كالنـّــاي أعــــزفُ شاديًا
وَصَوتي سَيبقـــــــــــى خالِدًا بالمَنابِرِ
Post A Comment: