الأديب المصري / د. طارق رضوان جمعة يكتب مقالًا تحت عنوان "ديون مسموح أن لا تُسدد" 


الأديب المصري / د. طارق رضوان جمعة يكتب مقالًا تحت عنوان "ديون مسموح أن لا تُسدد"



السلام على الضاحكين وفى قلوبهم  سنين بكاء. السلام على من قرروا العيش ولم تحالفهم الحياة. السلام على من يتناقص أصدقائهم وما زالوا مؤمنين بوجود الخير فى الحياة وفى البشر. السلام على من منح عدوه العفو، ومنح صديقه قلباً رؤوفاً رحيماً. السلام على منح والديه طاعة واحترام. السلام على من منح والدته سلوكاً يجعلها تفتخر به. السلام على وهب نفسه الاحترام والالتزام. والعبرة ليست بكثرة من حولك  ولا بكثرة السائلين فلكل ابتسامة الف معنى، إنما  العبرة بركن دافئ منطو في ثنايا روحك تلجأ إليه كلما أحسست من العالم فزعاً.

كن حرفاً جميلاً لسطر الحياة، لأن الأقلام سترحل. والحياة لا تحب إلا الأقوياء، فهي تُميت الضعفاء قهراً. إلا أن مواقف الحياة كفيلة بتعليمك من يحبك. فالوضوح الشديد سيء. وخلف كل سكوت غدر. ولكل حنان قسوة. ولكل قلب طيب الف صدمة. فإذا كان قلبك هو البئر، فلسانك هو الدلو الذى يغرف من هذا لبئر فيكشف ما فيه عذباً كان أو ملوثاً. فسوء لسانك هو دليل على سوء قلبك. 

 الحب لا يقتل أحداً. الحب يُعلق القلب بينن الحياة والموت. لذلك ليست المأساة فى رحيل من تحب، ولكن المأساة فى رحيل قلبك مع من تحب. فلا تعبث بمشاعر الأخرين، لأن العبث بمشاعر الأخرين  أسوأ جريمة لا يعاقب عليها القانون ولكن يعاقب عليها القدر.

الحب ليس شاباً يمسك بيد فتاة ويتجولون. الحب ليس ذكر وأنثى . الحب هو فتاة صغيرة تبذل طاقتها لمساعدة أبيها. الحب هو صديق يشد على يد صديقه كى لا يقع. الحب يا سادة هو الاهتمام أينما وُجد. فأنا صديقك حتى مرض الأربعين وضحكة الخمسين ووحدة الستين ويأس السبعين وعكاز الثمانين. أنا بجانبك إلى أن يقولوا رحمة الله علينا. 

لا تخدعك روح الفضفضة، فعواقبها غير حميدة! إن بُحث عن ثقات أشفقوا عليك ، وإن بُحث على غير ثقات عرفوا مكامن ضعفك. فأنت بين إشفاق وإخفاء. ويُقال أن هناك حكمة وغاية من تساقط كل هذه الأحداث على عاتقك دفعة واحدة. هناك رحمة وخير تنشغل به ملائكة الأرض والسماء  لك.

عجيبة هي الحياة بمنطقها المعاكس: فأنت تركض خلف الأشياء لاهثاً، فتهرب منك. وحين تقتنع بأن هذه الأشياء لا تستحق الركض وكل هذا العناء، تجدها تأتيك هي لاهثة. وحينها لا  تدرى ماذا تصنع أيجب أن تدير لها ظهرك أم ترحب بها. فنصيحتي ألا تتعلق بشيء أو بشخص، لأن ما تناله ينال منك في المقابل، وما تملكه تشقى به. فبعض الشقاء سببه "ياء" الجشع حين تخلق لدينا هوس جمع المزيد منها.

 وصدق من قال أن علاقة البشر بالبشر أشبه بعلاقة السيارات بالسيارات، فلابد من أن تترك مسافة كافية بينك وبين من تحب فما ظنك بمن هم دون ذلك الحب. 

 قيل لأحدهم كيف تعرف من يحبك؟ فقتا: الذى إذا اقتربت منه خطوة اقترب منى خطوتين. وإذا ابتعدت عنه غاضباً، دنى منى لإرضائي. وإذا غبت عنه رغماً عنى ، بحث عنى حتى يجدني. وحين أخطئ  يواجهنى ويعاتبني ويقبل عذري مبتسماً. وإذا أخطأ هو لا يهرب منى.

لا بأس إن أحسنت الظن بمن لا يستحق. وليس عيباً إن أهديت مشاعر لم تصان. وكيف تحزن وأنت فى الجانب النقي من الحياة. وافتخر أنك كنت وما زلت إنساناً يحمل قلباً من ذهب. فنحن نمنح الفرص حتى لا نخسر من نحب، ولكنهم يهدرون هذه الفرص حين يظنون أنها عطاء أبدى. لذا حين يصفح عنك أحدهم أو يمنحك الاهتمام فكل ما يحتاجه الا يندم فقط.

الديون يا كرام ليست أموالا فقط. الديون هي كلمة حانية في لحظة انكسار. الديون هي مواساة وقت الحزن، هي  إرشاد في لحظات التيه.  الديون هى نصيحة في أوقات الطيش، وهى تربيته على كتف وقلب فى لحظة وهن. هذه ديون مسموح أن لا تُسدد ولكن من العار أن تُنسى.



Share To: