الكاتبة المصرية / مروة نويصر تكتب قصة قصيرة تحت عنوان "الذكري الثانية"
الساعة الثانية منتصف الليل في تلك الليلة منذ عامين، صوت أنين وبكاء مكتوم من غرفة في القصر العالي، الطابق الثاني في الحي الزيتوني، وبالكاد أسمع بعض الكلمات من مناجاتها لله، تتلفظ كلمات تكاد تخرج معها روحها من كثرة الشهقات، قالت:
" ألم يتذكرني؟، قلبي يريده، أحبه فماذا أفعل؟، أعده لي أعد قلبي الذي معه يا ربي"
اليوم في ذكرى تلك الليلة، الدموع تنهمر والقلب يرتجف وكأن الفراق مازال حي بداخله، لم تودعه بالشكل الكافي، أشفق على عينيها فهي تبكي طيلة عام، والقلب أصبح قلعة مهجورة، معلق عليها خطر، فلا يجرؤ أحد على التقدم خطوة واحدة، أشعر بالفضول يقتلني، فأسترقيت السمع، وجدت صوت رجل اجش ممزوج بالحنان والحب، أقتربت أحاول أن آرى ماذا بالداخل، وجدت على جدران قلبها صور لرجل فهو حتما حبها الوحيد، أمعنت النظر فالظلام منتشر، والضوء خافت، إذ به يتمختر بقلبها، ذهابا وإيابا، ويعاود كلماته عليها، نظرت لعينيها، لأجدها هائمة لا تحيا في واقعنا، عاودت النظر داخل قلبها، وجدتها في اقسي غرفة تجلس كطفلة تائهة وحين شعرت بقرب خطواته، قفزت لتجري عليه وأختبأت بداخل أحضانه، وحين هدأت من وحشتها، رفعت رأسها، ونظرت لعينيه، وقالت له:
"يا من أستطعت أن تهفو لعقلي، وأمتلكت قلبي وأغلقت كل مظاهر الحياة ما عدا فيك، أنت نقطة ضعفي الدائمة، إن قلبي أصابه الشيب، كلما تتركني يكبر أكثر، أشتاق لتلك الطفلة بداخلي، لم أجدها سوا معك فأنت مالكني، آسرني، أنا أتنفس بك فأنا لم أشعر لحظة اني أفتقدك فكل ليلة تنام صورتك بين جسدي وملابسي، لتكون أقرب لقلبي من نفسي، لكن أحتاج لعناقك لأجدد شريان حياتي بوجودك،
أنا هنا كل يوم أنتظر مجيئك، فالحب الحقيقي في عالمي لا يسمح لي أن أكون لرجل غيرك، أنا هنا أنتظر أن تشعر بالحنين، وبرغم الغربة التي تتركني بها، وبرغم الإعصار الذي اشعر به دونك، ورغم العشق الذي أغرق به وحدي، أنتظرك لأعوضك عن كل لحظات الفراق والوجع، أقبل عليّ فأنا روقة قلبك كما كنت تناديني، سأهدهد على قلبك، وأدلع رجولتك، فأنا قبلتك وانت محرابي، فلقد قبّلت وجنتيك أمام الجميع ولم أشعر بأحد سواك، ها هي وسادتي فلتسألها كم ليلة لم أبكي بها، أسأل جدران حجرتي كم ليلة لم آراك فيهم وأحدثك،
فأنا هنا مازلت انتظرك، وسأبقي هكذا فالحب الذي أحببته لك، لم تعرفة أنثى من قبل، ولذا فلم استطع أن أرى رجلًا غيرك، احضني، فلم تولد تلك الأنثى التي عشقتك مثلي، فالله يعيد كل شيء لسيرته الأولى ،وأنا مخلوقة منك، فأنا انتظر أن يعيدني الله إليك"
هنا أغمضت وتساقطت بضع قطرات الألم والوجع واللهفة من عيونها، وصمتا وهما يتلامسان الوجوه، ثم قالت بضع كلمات بصوت خافت يملأه الحنين ومشاعر حب من عمق صدقها جعلتني أرتعد، وقالت:
" انا هنا بين يديك فهيتا لك"
قبلها بين حاجبيها واقترب بشده من شفاهها ثم اخذ يتنفس ذاك النسيم وهو يقول:
"أنتِ مازلتِ نقطة ضعفي، لم أستطع أن أمحو صورتك من ذاكرتي، وكأن معكِ شفرة جسدي تتنقلين فيه كما تشائين"
كانوا لبعض نجاة.
هنا اخجلت من نفسي، وانسحبت لأعطي لهما المساحة الكافية كي يمارسون شعائر الحب.. كانا لبعض أول حياة.
انسحبت... كنت أخطو بعيدا بخطى أكاد اجر قدمي، فكيف لهذا القلب الذي كان بستان، أصبح بهذا الهلاك؟ فما وجدته في قلبها من عشق وهيام أثار الغيرة بداخلي، لم أجد أحد أحب بهذا القدر من قبل، ولكن أشفق عليها، ويا لحسن حظه فقد أحبته أنثى بصورة فريدة ستحكي عنها الملائكة.
Post A Comment: