الكاتبة السودانية / هنادي إسحق إسماعيل تكتب نصًا تحت عنوان "ما بعد الخيبة" 


الكاتبة السودانية / هنادي إسحق إسماعيل تكتب نصًا تحت عنوان "ما بعد الخيبة"



مرحبًا في خيال شخص آخر:


  هاربًا مستنجدًا تائهً أبحثُ في أزقةِ الظلماتِ عن طريق يرشدني الى الخروج ولستُ آبه ان كان على حافته الجحيم،  المهم  ألا أبقى هنا اناجي النجاة من بعيد! هروب مستمر بل مايسمى بأمكر هروب عالقًا بين طيات لوحاتٍ لعائلة مدفونة منذ زمن... معلقة في جدار غرفةً لعجوز مكفوفٌ نظرُه آخر أمله، أن ترى صورهم، ادفن رأسي يائسة من فكرة المحاولة... كل مافكرت فقط.. اتدري ماهو اليوم؟ أنه العيد... العيد الثالث بل المليون على قلبي مع غيابك. وُزعت للجميع الحلوى وبعضًا من الإبتسامات قد نثرت على عدم اكتراث، وعن عيدي البائس الذي ارسلته لكِ  في غلاف زفاف لشخصٍ متوفي قبل ليلتين، سلام لكِ ايتها البعيدة سلامٌ نوويٌ آمن، كل عام وانتِ القريبه لي البعيده ميلًا وقرنًا  وألفًا بعد المائة ، أتظني أنني أعقل إنكِ رحلتي فعلًا؟ لازلت عالقًا في يوم ذا نحس مستمر، ولا أعلم في أي قاع من بقاع الأرض تمكثين، كل علمي انكِ هنا في حافة صدري تجثمين، اي دركٍ جحيمي ينسيني ألم غيابكِ اللعين واي جنة تنسيني اياكِ ايتها الملاك العتيق، إرتطمت بكِ ذات ليلة اهوي بجرفكِ بعيدًا عني أتلذذ السقوط، ولم يكن الفرار أحد الخيارين مطلقًا، كنت اؤمن بنجاتي ولكن إيماني كمالكِ قطع مني سُبل الهروب، رباه لم أعد إحتمل صوت انيني الليلي، ثمة بشرية تقيم حفل شواءً داخلي، حياة هذا العبد المملوك في خطر، إرتشف أحرفها بكأسين من نبيذ قُدّم اليّ أحدهم والآخر ينتظر مني الكثير من الدموع، ليكون مصيري سكيرًا يهذي ينتظر ان تقرع طبول رسالة إليه، كل رصيف ذلك النغم صوت قرع خطواتها المتمايلة، وذلك الضجيج ما بعد صراخي، ألهثُ ورائها وهي تختفي كالسراب،  تلاني الشيب جاثمٌ على بابها مواصلٌ القرع غير مكترثٍ للوحةٍ عُلقت  مكتوبٌ عليها للبيع.. حُرقت اناملي وهي تنتظر موعدًا تُهديكِ رسالةً من مجنون عشريني يبعث جنونه لكِ مع لتر واثنى عشرة... دمعتين وقلبًا مطحون مرشوشٌ عليه رطل من الملح ورئتين محترقة بنكهة التبغ الفرنسي و...و.. و.. وإشتاق لكِ ياملاكي البعيد... أحرق ذاتي كل ما شدني الحنين ليلًا لأنثُر رسائلكِ المخمرة بعبثٍ في كل زوايا غرفتي، تتسلل رياح بائسة تطرقها من مكان لآخر، فأفزعُ.. في الصباح ألتقطها بكل حذر بعد نوبات الجنون، أنا أشتاق لكِ بحد السماء السابعة وما فوقها، بعدد المجرات التي كنت اهوي بها عند تلقي كلمةً منكِ، بعدد تلك الورود التي قُطفت لكِ والتي تستعد للقِطاف في موعدها معكِ في الربيع، تشتاق ان تغرق في خصلات شعركِ الحريري، اشتاق لكِ بحجم اشتياق الخلائق من عهد آدم، أشتاق لكِ بحجم الامكان والعدم بأحدثيته وبعده، وبخيالي وقلبي، لكنّي سأعِدُكِ انني سأذريه ذروى ثم اقسم لكِ انني سأحبكِ ببصيلات عقلي ثم أحبكِ بهوسي وهواجسي ومشاعري وخرفاتي وجنوني ومعتقداتي وهذياني، فـليهدأ العالم في رأسي و لتسكُن الأرض وليخبت غضب البحر، ماعدتُ أريد ان أعبث معه إبتعدتُ كثيرًا من حافة الشاطئ، وليواصل البشر إقتراف مايجب وما لايجب لا شأن لي، عادت الشمس أم لم تعد، لتعد هي فقط وبعدها سيعود العالم لمجراه...

 الليلة واثق إنكِ ستقرأين هذه الرسالة أو واحدة اُخرى شبيهة لها، فرسائلي كلها  كأنها موجهة لكِ وحدكِ، حينها ربما لازلنا نتجادل ماذا سنسمي إبنتنا، لتضعي الأمر لي متنازلهة فأسميها شعورًا يحتوينا في مأمن معكِ.





Share To: