الكاتب والشاعر المغربي / مصطفى الأحوال يكتب مقالًا تحت عنوان " الفلسفة والعيش المشترك " 


الكاتب والشاعر المغربي / مصطفى الأحوال يكتب مقالًا تحت عنوان " الفلسفة والعيش المشترك "


إن علاقة الفلسفة بفضاء العيش المشترك، علاقة جدلية. فهما وجهان لعملة واحدة. فإذا عدنا إلى تاريخ الفلسفة وتأسيسها عند اليونان. نجد أن تهيؤ الدولة المدينة للحوار في مكان خاص يسمى الاكورا، الساحة العمومية، مهد النقاشات الإنسانية العمومية التي كان يسودها جو ديمقراطي، وحرية في التعبير. لها الدور الرئيسي والفعال في ميلاد الفلسفة ونشأتها. فالفلسفة ولدت  نتيجة لذلك الشكل الخاص من المؤسسات السياسية،(دولة/المدينة) فمع ظهور هذه الأخيرة في تاريخ الإنسان ،أصبح للإنسان إيمان بأن الشؤون العامة للناس لا يمكن أن تدبر،وأن كل القرارات التي تربط بمصالحها العامة لا يمكن أن تتخد إلا بعد نقاش عمومي ،يساهم فيه الجميع ،وتتقارع فيه الخطابات المدعمة بالحجج والبراهين.فهذه القواعد المتحكمة في السياسة داخل إطار مدينة/الدولة،من نقاش عمومي مدعم بالحجج والبراهين ،هي نفسها القواعد المتحكمة في التفكير الفلسفي.

  فقبل المدينة لم تكن الفلسفة،  فدخول الإنسان إلى حالة المدنية كما يخبرنا روسو في عقده الإجتماعي، أصبح للإنسان حقوق وواجبات ومؤسسات تسهر على تطبيق تلك الحقوق والواجبات.  فالعيش المشترك داخل المدينة/المجتمع، هو من أتاح للإنسان امتلاك الكلمة والذاكرة والأفكار والعواطف والضمير الأخلاقي، بل والفلسفة أيضا. كما أن الفلسفة أيضا ومند عقد ميلادها الرسمي مع سقراط ، جعلت من الإنسان محور اهتمامها حيث اعترفت بالإنسان كجوهر ثابت وبقيمه التي تتولد عنها جميع القيم. وهذا الإعتراف يتم من خلال احترام الشخص وحريته. الأمر الذي يسمح بتأسيس فضاء سليم للعيش المشرك تحت نزعة إنسانية كونية يسودها السلم الدائم. فالفلسفة دائما داخل الجماعة، تأخذ على عاتقها إعادة النظر في قيم الجماعة وأفكارها وسلوكاتها، وتحاورها ، ولا تقبلها على نحو سلبي قبلي دون إعمال العقل. من أجل تأسيس قيم الجماعة على العقل تسمح لكل الناس بالتعايش. كما أن فعل التفلسف في جوهره وقوف مطلق وغير مشروط في وجه العنف المدمر لكل إمكانية للعيش المشترك. 






Share To: