الكاتبة اللبنانية / قمر المعلم تكتب مقالًا تحت عنوان "حجابي تاج وقاري"


الكاتبة اللبنانية / قمر المعلم تكتب مقالًا تحت عنوان "حجابي تاج وقاري"

 


هي بدايةُ حياة. 

بدايةٌ لم تكن كباقي البدايات. 

بدايةٌ استثنائية. 

قلبٌ جديدٌ و روحٌ جديدة. 

حجابٌ غيَّرَني وجدَّدَ خلايا جسدي

و بعث النورَ في فؤادي. 

هي لحظةٌ واحدةٌ لا أكثَرْ

شجاعةٌ واحدةٌ لا أكثَرْ

و لكن تلكَ الشَّجاعةُ سبَقَتْها معجزةٌ لم تَكُنْ بالحُسْبان. 

فقبلَها بِبِضْعَةِ أشهرٍ كنتُ تائِهةً بينَ مدٍّ و جزر

و ها أنا قد وصلتُ إلى برِّ الأمانِ بسلام. 

حيثُ بعثَ اللّٰهُ في وِجْداني معرفةً من نوعٍ آخر

مشاعرَ ما كنتُ أُدْرِكُها

مشاعرَ نبيلةً قَلَبَتِ الموازينَ. 

فقد أنارَ اللّٰهُ بَصيرَتي إلى جانبِ الحياةِ الفضيلة

حيث الصِّدْق في المشاعرِ تجاهَ اللّٰه 

حيثُ الحقيقة مِنْ غايةِ الحياةِ الفانية

سُؤالٌ واحدٌ بثَّهُ اللّٰه في فلكي:

"قمرٌ ماذا جنيتي من السنين السابقة؟

يوم القيامة يا جميلتي ماذا سيكتب اللّٰه في كتابِكِ؟ "

حاولتُ أن ألقى السُّؤالَ بالهَجِرِ،

و لكن وقعتِ الحقيقةُ المُنْقِذَةُ بينَ أناملي

حيثُ دليلي قُرآني

الّذي كانَ قَريبي و مُقَرِّبي

فكيفَ لي أنْ أتجاهلَ آياتِ السَّكينةِ و الرَّحمة

آياتِ اللّٰهِ الواحدِ الأحدِ الفردِ الصَّمَدِ

الذَّي خَلَقَ السبع سماوات و الأرض

 و كوَّنَ النُّجومَ و الكواكبَ في ستَّةِ أيام

فمن أنا حتّى أَعصيه

وُلِدتُ مِنَ الطِّينِ و إليه سأعودُ. 

و كانت لحظةُ القرار. 

جلستُ بينَ يَدَيِ اللّٰه ذَرَفْتُ الدَّمْعَ في سجدةٍ سَحَبَتِ التَّرَدُّدَ مِنْ أعماقي إلى باطنِ الأرضِ حيثُ عَوْدَتي

فَغَدَوْتُ أَتَساءَلُ: عجبًا لم أدرك الحقيقة من قبل

أهي مفاتن الحياة و اختباراتها؟

ليلةٌ واحدةٌ تَفصِلُني عن صباحِ الشَّجاعة

ليلةٌ سَكَنَتْها الملائكةُ بودٍّ و رحمة

حيثُ حاولتِ الوَساوِسُ أنْ تخرِقَ إيماني بفكرةِ أنَّنِي ما زلت في سنِّ الثالثة عشر من العمر

 و أنَّ ذلك سنٌّ مبكرٌ على خطوةٍ كبيرةٍ كهذه الخطوة

و لكن ها هي ملائكتي الحارسة جابهتها بعزمٍ و قوة

و حلّ صباحُ القرارِ بلطف

فرافقتني حتّى مرآتي و إذ بها تُتَوِّجُني بتاجِ الوِقارِ الحريريِّ ذي النقاءِ الأبيضِ بحبٍّ و قناعة

و فجأةً عمَّ السُّكون المكان و خرج من المرآة نورٌ زرع بين أضلعي وردةً بيضاءَ ذات شهدٍ أخاذٍ للحواس

و دمعي يُغرِقُ وُجنتيَّ

و الآهُ تخرجُ من فؤادي

أسفًا على أيّامي الضّائعة

التي أهدرتَها حرمانًا من سحرٍ حميدٍ ما كنت أدرك قيمته

أسفي على أيامٍ مضت و حلم الملوكة يراودني

و أنا غير مدركة أنَّ مملكتي في درجي راقدة بانتظاري مرّاتٌ عديدةٌ خاطبتني و نادتني

و في كل مرّةٍ كان بصري يخاطبها بنظرةِ تردُّدٍ و جُبنٍ و خذلان. 

و ها هي وردتي البيضاء اليوم بعد ثماني سنواتٍ لم تبقَ على حالها بل نشرتِ الطُهرَ في بستاني

تزهرُ فؤادي بالإيمانِ و التقوى تجاه الرحمٰنِ ذي الجلالِ والإكرامِ

فكيف لي أن أخشى يوم حسابي

و حب اللّٰه و فرائضه بين أضلعي نمت دون استئذاني

فالأمر لم يعد أمر حجابٍ فحسب 

بل حجابي جعلني ألتزم بفرائضي الأخرى

و منذ ذلك اليوم يرافقني نقاءٌ ربانيٌّ جعلني أعرف أين مكاني

و إلى أين أنتمي منتصرة على جُبْني بثوانٍ. 

حجابُكِ كالألماسة على رأسكِ فافتخري

و إياكِ أن تخجلي بل ارفعي رأسكِ نحو العلا

فأنا كنت مثلك تائهةً،خائفةً و متردِّدَةً من قراري. 

و من قال أنك إن لم تضعيه قبيحةٌ؟! 

يكفي أنكِ أنثى لتصبحي الكون بأكمله.

مثقفةٌ، حنونةٌ ،مؤمنةٌ، ناجحةٌ، مؤدبةٌ وجميلة

لا شيء ينقصكِ

و لكن تعالي لنجعلِ الكمالَ يزدادُ كمالا

و هيّا لنضعه فيزداد الجمالُ جمالا

أحبكِ يا رونق الحياة و جمالها

فنحن إناثٌ و الإناثُ تفهم على بعضها

و هيّا لننتصر باختبارِ الدنيا سويّةٌ

كي نلتقي في الجنة على الأرائك نتكئ

فالأنثى صديقة الأنثى يا عزيزتي 

و نصيحةٌ من أختٍ لأختها 

فنحن إخوةٌ  في الله يا صغيرتي 

لا تحرمي نفسكِ من هذهِ المتعةِ يا أميرتي 

فأنا اختبرتها قبلك و لم أندم يوماً على قراري. 

و من قال أنّ الحجابَ مقبرةُ الحياة؟! 

فأنا محجّبةٌ و أعيشُ الحياة بكلِّ تفاصيلها بسعادتها و شبابها 

بمغامراتها و جنونها 

مبتسمةٌ، حياتي تضج بالألوانِ 

فراشة لا شيء يقيدني سوى ديني و أخلاقي و تربيتي و عاداتي طالما أنا ضمن حدود أوامر خالقي 

فديننا يسرٌ و ليس بعسرٍ يا جميلتي




Share To: