فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب : الحب في الله

 

فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب : الحب في الله



الحب في الله أن يحب المرء أخاه حبًّا صادقًا مخلصًا، وليس من أجل مصلحة زائلة.


أما ثمراته في الدنيا فمنها :


١ - أنه دليل على صدق إيمان صاحبه، وهذا واضح في قول النبي صلى الله عليه وسلم: 


لا تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حتَّى تُؤْمِنُوا، ولا تُؤْمِنُوا حتَّى تَحابُّوا، أوَلا أدُلُّكُمْ علَى شيءٍ إذا فَعَلْتُمُوهُ تَحابَبْتُمْ؟ أفْشُوا السَّلامَ بيْنَكُمْ


 رواه مسلم


٢ - إشاعة المحبة في المجتمع المسلم:

قال صلى الله عليه وسلم:


 إذا أحب الرجل أخاه، فليخبره أنه يحبه.


وفي الحديث:


 أنَّ رَجلًا كان عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فمرَّ به رَجلٌ، فقال: يا رسولَ اللهِ، إني لأُحِبُّ هذا، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "أَأَعلمْتَهُ؟ 

قال: لا

 قال: أَعلِمْهُ ، فلَحِقَهُ ، فقال: إني أُحِبُّكَ في اللهِ، فقال: أحبَّك الذي أحبَبْتني له.


٣ - محبة الله للمتحابين فيه:


قال اللَّهُ تباركَ وتعالَى في الحديث القدسي: 


وجبَتْ محبَّتي للمتحابِّينَ فيَّ والمتجالِسينَ فيَّ والمتباذِلينَ فيَّ والمتزاورينَ فيَّ .


وفي الحديث:


 أنَّ رجُلًا زار أخًا له في قريةٍ أخرى قال: فأرصَد اللهُ على مَدرَجَتِه ملَكًا، فلمَّا أتى عليه قال: أين تُريدُ؟ قال: أُريدُ أخًا لي في هذه القريةِ، فقال له: هل له عليك مِن نعمةٍ ترُبُّها؟ 

قال: لا، غيرَ أنِّي أُحِبُّه في اللهِ قال: فإنِّي رسولُ اللهِ إليك إنَّ اللهَ جلَّ وعلا قد أحَبَّك كما أحبَبْتَه فيه.


ثمرات الحب في الله في الآخرة، منها :


١ - أن المرء يحشر مع من أحب:


ففي الحديث : 


أنَّ رجُلًا قال: يا رسولَ اللهِ، الرَّجُلُ يُحِبُّ القَومَ ولم يَبلُغْ عمَلَهم؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: المَرءُ مع مَن أَحَبَّ، قال حسَنٌ: أعمالَهم، قال: المَرءُ مع مَن أَحَبَّ، قال ثابتٌ: فكان أنسٌ إذا حَدَّثَ بهذا الحديثِ قال: اللَّهمَّ فإنَّا نُحِبُّك، ونُحِبُّ رسولَك.


وفي حديث آخر: 


جاءَ رجلٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، فقالَ: يا رسولَ اللهِ، متى قيامُ السَّاعةِ؟ فقامَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ إلى الصَّلاةِ، فلمَّا قضى صلاتَهُ قالَ: أينَ السَّائلُ عن قيامِ السَّاعةِ، فقالَ الرَّجلُ: أَنا يا رسولَ اللَّهِ، قالَ: ما أعددتَ لَها، قالَ: يا رسولَ اللهِ، ما أعددتُ لَها كبيرَ صلاةٍ ولا صومٍ، إلَّا أنِّي أحبُّ اللَّهَ ورسولَهُ، فقالَ النبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: المرءُ معَ مَن أحبَّ، وأنتَ معَ مَن أحببتَ، فما رأيتُ فرِحَ المسلمونَ بعدَ الإسلامِ فرحَهُم بِهَذا.


٢ - أنهم يكونون في ظل الله:


إنَّ اللَّهَ يقولُ يَومَ القِيامَةِ: أيْنَ المُتَحابُّونَ بجَلالِي، اليومَ أُظِلُّهُمْ في ظِلِّي يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلِّي .


رواه مسلم


وقال صلى الله عليه وسلم: يا أيُّها النَّاسُ، اسمعوا واعقِلوا، واعلَموا أنَّ للهِ عزَّ وجلَّ عبادًا ليسوا بأنبياءَ، ولا شهداءَ، يغبِطُهم النَّبيُّون والشُّهداءُ على منازلِهم وقُربِهم من اللهِ، فجثا رجلٌ من الأعرابِ من قاصيةِ النَّاسِ، وألوَى بيدِه إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رسولَ اللهِ، ناسٌ من النَّاسِ ليسوا بأنبياءَ ولا شهداءَ، يغبِطُهم الأنبياءُ والشُّهداءُ على مجالسِهم، وقُربِهم من اللهِ، انعَتْهم لنا جَلِّهم لنا، يعني صِفْهم لنا شكِّلْهم لنا، فسُرَّ وجهُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بسؤالِ الأعرابيِّ .

فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هم ناسٌ من أفناءِ النَّاسِ، ونوازعِ القبائلِ لم تصِلْ بينهم أرحامٌ مُتقارِبةٌ، تَحابُّوا في اللهِ وتصافَوْا يضعُ اللهُ يومَ القيامةِ منابرَ من نورٍ، فيجلِسون عليها، فيجعلُ وجوهَهم نورًا، وثيابَهم نورًا، يفزَعُ النَّاسُ يومَ القيامةِ ولا يفزعون وهم أولياءُ اللهِ لا خوفٌ عليهم، ولا هم يحزنون.


اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين.



Share To: