الكاتبة السودانية / دان حاتم تكتب خاطرة تحت عنوان "النظرة في أعين أخرى"
ماذا دهاكِ، هل أنتِ غاضبة إلى هذا الحد؟
لِما لا تُحادثيني! هل أُغادر؟ الأ تريدينني؟
-صَمَتَ قليلاً- ثم عاود مخاطبتها خذي خنجراً وضعيه على قلبي، اقتُليني ولكن لا تصمتي!
نظرت له نظرة كادت أن تثقب عينيه مِن حِدتها ثم مالت برأسها إلى الوراء وكأنها لم تسمع شيئًا، قال لها: علِمتُ ما تودين قوله، أفصحت نظرتكِ عنه، وانصرَف!
شاب في مقتبل العمر لم يتجاوز عمره الخامس والعشرون ربيعاً، في تمام الساعة الواحدة بعد منتصف الظهر، بينما كان عائِداً إلى منزله، من مبارة كرة القدم في مقهىً قريب، لفتت انتباهه فتاة كانت تُساعد أسرتها في نقل أمتعتهم لمنزلهم الجديد، تبادلا النظرات لثوانٍ فقط، ومنذ ذلك الحين يمرُ كل صباح بمنزلها لرؤيتها والتحدث إليها، حينما سأله صديقه ذات يوم لما هي دوناً عن غيرها؟! أجابه: لديها نظرة مختلفة، سرقت قلبي!
سيدة خرساء تجلس على مقعد خشبي أمام منزلها، كل يوم تحمل دفتراً صغيراً تُدوّن فيه كل ما تُريد قوله لمن يُحادثها، تراقب المارة تلوح تارة، وتبتسم تارةً أخرى؛ في يومٍ ما جلست بقربها إحدى نساء الحي، خاطبتها: تمنيت لو كنت مكانك! لا أتكلم علّني أستطيع أن أكتم ما بداخلي أكثر، تألمت السيدة وحملت قلمها لتكتب لها أنها تتمنى لو كانت تستطيع التحدث لتخبرها بأنها لا تحبها، ولكنها فضّلت الأ تكتب حرفاً واحداً، واكتفت بنظرة.
أيا صاحبي، يعجز الكلام أحياناً أن يُعبر عمّا بداخلنا من كلمات خذلان، ألم، وحب؛ فيصبح للأعين نظرات تخبر من ينظر داخلها عمّا في قلوبنا.
للعيون لغة لا يستطيع أي امرئٍ أن يفهمها فبين النظرة والأخرى رسول يبلغ الحب، البغض، وأحيانًا الإستحقار فهي كالسهم كافية، لتشفي غليل، وتؤثِر قلوب!
Post A Comment: