الكاتب الصحافي المصري / محمودْ بلالْ الصعيديّ يكتب مقالًا تحت عنوان : سمنودْ في ورقةٍ بفرة
المقدمةِ
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ
الحمدِ للهِ ربَ الأرضِ وربِ السماواتِ ، والحمدُ للهِ الذي زينَ قلوبَ أوليائهِ بأنوارِ الوفاقِ ، وسقى أسرارُ أحبائهِ شرابا لذيذ المذاقِ ، نحمدهُ تباركَ وتعالى ، ونرجوهُ العصمةُ منْ الحرامِ .
مؤمنينَ باللهِ وبرسلهِ لانفرقْ بينَ أحدٍ منْ رسلهِ . فسلامُ على منْ حملو الرسالةُ عيسى وموسى وخاتمِ الأنبياءِ نبينا ونبيكمْ محمدْ بنْ عبدِ اللهْ .
منْ صفحاتِ الأديانِ السماويةِ وما جاءَ بهِ موسى وعيسى ومحمدْ . هوَ دستورٌ يستمدُ منهُ الموحدونَ ويستندُ عليهِ في كلِ قوانينِ الحياةِ ، وما شرعَ اللهُ لنا وما حرمُ اللهِ علينا في كلِ خطوةٍ نمضيها . فكلُ عقيدةٍ لها دستورُ والدستورِ هوَ المنهجُ الإلهيُ الذي أرادَ اللهُ عزَ وجلَ أنْ يرسمَ بهِ للإنسانِ طريقهُ ويسنُ لهُ قوانينُ حياتهِ .
الموضوعُ :
حديثنا اليومَ عنْ المخدراتِ التي حرمها اللهُ وحرمتها كلَ الأديانِ بلْ وحرمتها البشريةُ والإنسانيةُ . هدى اللهِ ساقيها وشاربها ومروجيها ، وسلموا منها وسلمَ المجتمعُ منْ شرها . إسلامنا ومنْ أنزلَ على عيسى وموسى ومحمدْ وكلِ الأديانِ والمعتقداتِ حرمتها ، بلْ وحرمتها دساتيرالعالمْ وقوانينهُ . كانَ حتما علينا تحذيرُ مجتمعنا وشبابنا منْ المخدراتِ وآثارها التي تتسببُ في العديدِ منْ المشاكلِ النفسيةِ والاجتماعيةِ . فالمخدراتُ لا تؤذي منْ يتعاطاها فقطْ بلْ تدمرُ حياتهُ وحياةً منْ معهُ وتدمرُ الأخلاقُ الأسريةُ ، وتهددَ مستقبلهُ ومستقبلُ أطفالهِ وبيتهِ وأسرتهِ ومنْ ثمَ الأصدقاءُ ثمَ المعارفِ حتى الأغرابِ ، فهيَ ليستْ إلا مرضٌ خبيثٌ وصاحبها مغيبٌ ، فكيفَ وقدْ نزعَ منهُ العقلُ البشريُ ، إذا ما الذي يميزهُ عنْ باقي الحيواناتِ ، وما التصرفاتُ التي منْ الممكنِ أنْ تخرجَ منهُ ، وما الضررُ الذي منْ الممكنِ أنْ يقعَ عليهِ أوْ حتى على أسرتهِ أوْ الأقاربِ أوْ المعارفِ . أوْ حتى للآمنينَ في الطرقاتِ منْ شخصٍ غيرَ سوى مغيبِ العقلِ .
سجلتْ الكثيرَ منْ القضايا والجرائمِ التى كانتْ المخدراتُ هيَ السببُ والدافعُ الأقوى لوقوعها ، بلْ أكثرُ الجرائمِ نتجتْ عنْ المخدراتِ .
فالمخدراتُ تمتدُ آثارها السيئةَ وكأنها حباتُ عقدٍ منفرطٍ ، فتأخذُ في طياتها الشخصَ تلوَ الآخرِ حتى نجدَ أنفسنا أمامَ مجتمعٍ فاسدٍ مدمرٍ أخلاقيا وسلوكيا. المخدراتُ بكلِ أنواعها ماهىْ إلا موادَ سواءٌ إن كانت مركبةُ أوْ لا فهيَ موادُ تذهبُ العقلَ وتغيبهُ وتسلبُ منْ صاحبها مبادئهُ وتنسيهُ نفسهُ وأهلهُ وقدْ تضرُ بحالتهِ النفسيةِ والصحية والاجتماعيةِ ، ويتضررَ بها كلُ فردٍ في المجتمعِ .
كلُ ما أردنا التحدثُ عنهُ في مقدمةِ كلامنا هوَ معلومٌ لأيِ إنسانٍ عاقلٍ سوى . ولكنْ عندما نتحدثُ اليومُ عنْ مدينةٍ صغيرةٍ عريقةٍ ، بقعةٌ صغيرةٌ دمرتْ ودمرَ شبابها بسببِ المخدراتِ ، فلابدُ أنَ تكملو هذا المقالِ للنهايةِ وتمنحونا انتباهكمْ . سمنودْ بقعةً صغيرةً ، وإحدى مراكزِ محافظةِ الغربيةِ تقعُ في شمالِ شرقِ محافظةِ الغربيةِ وعلى ضفافِ فرعِ دمياط منْ نهرِ النيلِ ، تقعَ في المنتصفِ بينَ مدينتينِ منْ أعرقِ المدنِ داخلَ جمهوريةِ مصرَ العربيةِ وهما مدينةُ المحلةِ الكبرى ومدينةِ المنصورةِ وتتوسطهمْ حيثُ تبعدُ عنْ مدينةِ المحلةِ الكبرى حواليْ خمسةِ كيلومتراتِ وخمسةِ عشرَ كيلو منْ مدينةِ المنصورةِ ، ولهذا فهيَ الرابطَ بينَ المحافظتينِ الغربيةِ والدقهليةَ لما تتميزُ بهِ منْ موقعٍ .
كما أنَ لها تاريخٌ يطولُ شرحهُ والسردُ فيهِ ، ولهذا سنخصُ الحديثَ فقطْ في الموضوعِ الذي قصدنا .
تاريخها ممتدٌ ويكفي القولُ أنها كانتْ عاصمةُ الأسرةِ الثلاثينَ بمصر القديمةِ ، كلُ هذا نبذةً بسيطةً جدا حتى نستطيعَ أنْ نعرفَ بها قبلَ أنْ نسردَ في حديثنا عنْ المخدراتِ ، وكيفَ كانتْ المدينةُ وكيفَ أصبحتْ .
مدينةٌ سمنودْ التي كانتْ منارةٌ لكلِ صاحبِ فكرٍ وخرجَ منها العظماءُ الآنِ تتدمرُ يوما بعدَ يومِ مدينةٍ سمنودْ التي لطالما كانتْ مدينةٌ بسيطةٌ هادئةٌ أصبحتْ مأوى للمخدراتِ والجريمة ،
دعونا نسئل ما السببُ وراءَ هذا التحولِ الكبيرِ ، الآنُ وقدْ أصبحتْ تصنفُ بهذا الشكلِ على أنها منْ أكبرِ المدنِ على مستوى جمهوريةِ مصرَ العربيةِ منْ حيثُ تجارةُ وإدمانُ المخدراتِ ، منْ المتسببِ في هذا وهلْ كانَ مدبرٌ للمدينةِ وأهلها . الآنُ وقدْ أصبحتْ منْ كثرةِ الموادِ المخدرةِ وكثرةُ مروجيها كسرطانِ سيبتلعُ الأخضرُ واليابسُ ولمْ ولنْ يسلمَ منهُ أيَ شخصٍ يعيشُ على أرضها بلْ سرطانٌ سيمتدُ على ضفافِ نيلها ليدمرَ مدنَ الدلتا أجمعَ ، مما لا شكَ فيهِ أنَ نسبةَ تعاطي المخدراتِ داخلَ جمهوريةِ مصرَ العربيةِ وداخلِ كلِ مدنِ مصرَ نسبةً كبيرة ورهيبةً ، ولكنَ الخطرَ الذي يلاحقُ مدينةً سمنودْ ليسَ فقطْ لكثرةِ الإدمانِ فيها كباقي مدنِ مصرَ بلْ إنَ الخطرَ يلاحقُ المدينةَ لشهرتها الواسعةِ في تجارةِ المخدراتِ ، فيأتي إليها الوافدينَ منْ عدةِ مدنٍ مجاورةٍ مثلٍ المحلةِ والمنصورةَ وغيرهمْ لشراءِ المخدراتِ ، مما جعلَ المدينةَ مركز تجاريٍ كبيرٍ يقصدهُ الكثيرينَ منْ هنا وهناكَ وتتوسع معهُ دائرةَ تجارةِ المخدراتِ ، ولعلَ أهمَ الأسبابِ التي جعلتْ المدينةُ تكتسبُ هذهِ الشهرةِ وهذا الكمُ منْ تجارةِ المخدراتِ ، هيَ قصدُ الكثيرينَ منْ المدنِ المجاورةِ لها مما جعلها تتطورُ معَ الوقتِ لتصبحَ أكبرَ بؤرةً للمخدراتِ ومركزٍ تجاريٍ كبيرٍ ، تجذبَ إليها السياحةُ ولكنَ السياحةَ التي نقصدها هنا ليسَ لها علاقةٌ بتاريخِ المدينةِ وأصالتها ، ولكنْ سياحةً منْ أجلِ شراءِ المادةِ المخدرةِ التي لطالما جاءَ إليها المتعاطي منْ هنا ومنْ هناكَ واللهَ أعلمْ ومعَ المزحْ هلْ لجودةِ المخدراتِ بها فضلاً عنْ أيِ مكانٍ آخرَ ، أوْ أنَ مروجي المخدراتِ داخلَ المدينةِ يشتهرونَ بالأمانةِ والكرمِ والسعرِ المخفضِ الثابتِ الذي يجذبُ الجميعُ إليها .
شيءٌ مخزي وخطيرٍ جدا ما يحدثُ بها ، المدينةُ تتدمرُ يوما بعدَ يومٍ والكثيرُ جدا منْ أهلها يرفضونَ هذا الأمرِ ولكنَ التجارةَ تتوسعُ يوما بعدَ يومِ لدرجةِ أنَ تجارةَ المخدراتِ أصبحتْ مهنةٌ منْ لا مهنةً لهُ ،
ولطالما عليها الطلبُ ويأتي إليها أفواجُ منْ كلِ مكانٍ فهيَ إذا تجارةٌ مربحةٌ سهلةٌ يذهبُ إليها منْ نسيَ دينهُ وتحطمتْ مبادئهُ وأخلاقهُ ، وأيضا معَ ظلِ الظروفِ الاقتصاديةِ التي تمرُ بها البلادُ جعلتْ منها مهنةَ أوْ وظيفةِ داخلَ المدينةِ لمنْ يعانونَ منْ ضيقِ المعيشةِ ومعَ قلةِ إيمانهمْ يكونُ منْ السهلِ على الشيطانِ أنْ يتحكمَ بعقولهمْ ويحللُ لهمْ ما حرمَ اللهُ لهمْ بأيِ طريقةٍ كانتْ فالمبرراتُ تصبح قويةً إذا كانَ شيطانكَ أقوى والعياذِ باللهِ .
نحنُ نطالبُ الجهاتُ المعنيةُ بالنظرِ إلى هذهِ البلدةِ ونطلبُ منْ اللهِ أنْ يقيَ أهلها وشبابها شرَ المخدراتِ .
سمنودْ في ورقةٍ بفرة في الحقيقةِ هوَ عنوانٌ يليقُ فهيَ الآنِ تبعثرَ وتفرطُ داخلَ الورقةِ ولا نعلمُ إلى أينَ تذهبُ المدينةُ.
تحتاجَ المدينةُ لثورةٍ فكريةٍ ، وتحتاجَ لثورةٍ بوليسيةٍ على مدارِ سنينَ طويلةٍ مستقبليةٍ للقضاءِ على هذهِ الظاهرةِ .
وتحتاجَ أيضا إلى ثورةٍ شعبيةٍ يقومُ بها أهلُ سمنودْ رافضينَ هذهِ الكارثةِ كما هوَ المعهودُ عليهمْ دائما رفضهمْ التامَ للمخدراتِ وإيمانهمْ بحقهمْ في بيئةٍ نظيفةٍ نقيةٍ لهمْ ولأبنائهمْ ، تحتاجَ أيضا إلى لجانٍ بوليسيةٍ وبواباتِ مروريةٍ على كلِ مداخلها لمنعِ دخولِ أيِ شخصٍ يقصدها لشراءِ المخدراتِ .
المدينةُ مدمرةً والمخدراتُ تباعُ علنا في الشوارعِ والطرقاتِ بلْ وأصبحتْ في أيدي بعضِ النساءِ وبعضِ الأطفالِ يتاجرونَ بها ، وإذا دخلَ أحدهمْ السجونَ تكفلتْ زوجتهُ وأولادهُ أوْ أطفالهِ بتجارتهِ حتى تستطيعَ أنْ تنفقَ عليهِ داخلَ السجونِ ، تجارةُ المخدراتِ في المدينةِ تقدرُ بالملايينِ ، وتجارَ المخدراتِ مسيطرينَ على العقاراتِ داخلَ المدينةِ فضلاً عنْ أرصدتهمْ البنكيةِ ، واستثماراتهمْ التي يختبئونَ ورائها ، غيرَ أنهمْ مهتمينَ بتشيدْ حصونَ لهمْ لتقويةِ تجارتهمْ معَ حملِ الأسلحةِ الناريةِ والبيضاءِ حتى يتصدو لأيِ محاولةٍ منْ الشرطةِ لاقتحامِ حصونهمْ ، المخدراتُ بالمدينةِ كما ذكرنا تباعُ علنا في الشوارعِ والطرقاتِ غيرِ أنها أيضا يتعاطوها علنا بكلِ أنواعها ، مقابر الموتى لمْ تسلمْ فهيَ مأوى لتعاطى أخطرَ أنواعَ المخدراتِ ، حتى بيوتِ اللهِ وأماكنِ العبادةِ والتوحيدِ لمْ تسلمْ بلْ يتعاطونَ المخدراتُ في الليلِ وعلى درجِ المساجدِ .
تجارُ المخدراتِ في سمنودْ تحميهمْ أموالهمْ الطائلةُ حتى داخلِ السجونِ فمنْ الممكنِ أنْ تساعدكَ أموالكَ في شراءِ حريتكَ بطريقةٍ غيرِ مشروعةٍ بالتلاعبِ بالقوانينِ أوْ حتى شراءِ مرضى النفوسِ ، وعديمي الضميرِ الوطنيِ الإنسانيِ .
حتى وإنْ كنتُ ستحملُ منْ الأحكامِ مايجعلكْ تجلسَ بقيةَ عمركَ داخلَ السجونِ تحميكَ أموالكَ منْ كلِ هذا ، تجارةُ المخدراتِ داخلَ مدينةٍ سمنودْ محميةً بشكلٍ غيرِ طبيعيٍ ومخططٍ لها ويختفي ورائها رؤوسُ أفاعي كبرى تساعدُ على نموها وحمايتها وتحريكِ التجارِ الصغارِ كعرائس الماريونيتْ . في النهايةِ نأملُ أنْ تنتهيَ هذهِ الظاهرةِ في مدينةٍ سمنودْ حيثُ أنَ هذا لا يرضى بهِ عقلٌ ولا دين ولا إنسانيةً ، ونأملُ أنْ يهديَ اللهُ شبابنا ويقيهمْ شرُ تعاطي المخدراتِ وتجارتها ، وأنَ يعلمو أنَ الرزقَ الحلالَ الطيبَ أفضلَ عندَ اللهِ وأنْ رضى اللهُ خير وأبقى ومعيشةُ بسيطةٌ في الحلالِ أفضلَ منْ رفاهيةٍ في الحرامِ ، وأنَ لأولادهمْ حقٍ عليهمْ ، منْ رزقِ حلالِ وتربيةِ سليمةٍ ، وإعدادهمْ ليكونو نواةً حسنةً في المجتمعِ لا ليكونو خطرٌ على المجتمعِ وعلى أنفسهمْ ، اتقوا اللهُ ولوْ بشقِ تمرةٍ وأحسنو إلى أنفسكمْ وإلى أبنائكمْ وإلى المجتمعِ ، فالمخدراتُ تضرُ المجتمعَ بأكملهِ وليسَ شخصٌ بذاتهِ وتهددُ الآمنينَ ولأولادنا حقَ علينا في توفيرِ بيئةٍ نظيفةٍ آمنةٍ وهواءِ نقيٍ وكانَ هذا وباللهِ التوفيقِ نهايةِ موضوعى ،
وما تمَ تقديمهُ إنما هوَ فضلْ منْ اللهِ ، وإنْ كانَ منْ خطأِ فمنْ الكاتبِ . نتمنى أنْ ينالَ إعجباكمْ وأنْ يكونَ لهُ أثرٌ في إثراءِ الفكرِ الإنسانيِ ، والاستفادةُ المجتمعيةُ ، نرجو منْ اللهِ أنْ يمنحَ قلمي السدادُ والتوفيقُ لتوصيلِ المعلومةِ بأسلوبٍ صحيحٍ يحظى على إعجابكمْ . كما نتمنى أنْ تعودَ سمنودْ كما كانتْ
منْ سمنودْ في ورقةٍ بفرة
إلى سمنودْ تمزقُ ورقِ البفرة
Post A Comment: