الكاتبة المصرية / دينا عوض تكتب: (مقبرة الأحلام)


الكاتبة المصرية / دينا عوض تكتب: (مقبرة الأحلام)



‎"حلّق أيھا الطير حلّق، 

‎‏علمني كيف أختفي"٠

في منتصف الفوضي التي تجتاح كل جوارحي ، استشعر هذه الكلمات، واتساءل هل يريد الهروب، أم الموت، كلاهما حرية، ولكن الأخري مشروطة  

فلا أجدها آمنة، ولربما يحسد الطير في انه طيرًا، فلن يفكر في كل هذا، أهي نقطة المنتصف، أو أننا قد مشينا في الطريق الخطأ، لقد بلغت اللامبالاة مبلغها، فمن أين تأتي دوافع المُضي لمن قاتلته فتور عزمه، وكساد أحلامه، شيء قتله في الداخل، حتي أصبح يتمني لحظة واحدة يستشعر فيها بجدوي الأمل، بعد أن انتزعت رياح التخلي استقامته نحو غاياته، واقتلعت فصول الغدر ميله الصادق للتشبث بما يريد بقاءه، وكأن الحياة قد صوبت علي صدره بقوس المستحيل، فأصبح كل شروق آفِل، وكل منفذ ..حيلة، 

أما حياته فهي مقبرة للأحلام ، 

لا يعلم المرء فينا هل هي ساعة العسر، أم هو طريقه المقفر، مشقة دائمة، أم طريق يُمهَد لوصول  آخر،،،

أعود قلبي علي التخلي، ولكن مازال في المرء جزء يكره الحقيقة، يريد أن يهرب كالطير، لو كان الوطن هو المقبرة، فلما حتمًا علي  أن اتوج شهيدًا، والقاتل من جانبي، أن أقبل الزيف، أن أرضى بما لا يرضيني، أن أقطع أشواطًا مفاداها الاستسلام لواقع العدم، إن كنت غريبًا عن كل هذا، فلن أقدم روحي قربانًا لحقيقة التخلي، وأبيع منطقًا رضوخًا بالواقع، يصبح الفتي منا جسورًا يعاند الدنيا، ثم تكسره حينًا، ثم يعاود الكرّة بخاطرٍ مصابٍ وقلبٍ مجروحٍ، يواصل القفز فوق الأيام، والشهور، والسنوات، فقط كي يجد معني لأعوامه؛ يبعث في نفسه الراحة، لا أن يقضي عمرًا كاملًا يشعر فيه بأن عليه أن يغادر، ولكن كيف تصف السعادة لوطن لا يعرف إلا الشقاء، 

كيف تنجو وأنت غريق؟ كيف تطير بجناحين مكبلين بحقيقه الهزيمة، والنحيط صداه في الداخل يزلزل الأركان، كيف تبدو هامشًا للغاية، وأنت من صنعت من حقول يأسك نورًا شاءت الحياة أن تطفئه، كيف تصف روعة التحليق لعاجزٍ، كيف تنجو من مقبرة الأحلام؟ 






Share To: