الكاتب الصحافي المصري / شعبان ثابت يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "المضيفة الزاهدة"
جلست في غرفتها وحيدة وفي يدها المصحف واليد الأخرى مسبحة طويلة كانت قد إشترتها من أمام مسجد الحسين رضي الله عنه وبينما تقرأ أية الكرسي لتبدأ وردها ككل ليلة في التسبيح إذا بدموعها تغلبها بعد أن خطرت على بالها قصة وفاة أخوها توأمها التي غيرت مجري حياتها؟!
سالي الفتاة الأرستقراطية سليلة الأب والأم من أصول تركية بيضاء اللون ذات الشعر الأسود الطويل المتميز بنعومته ممشوقةالقوام التي كانت تحيا حياة بنات الأمراء تذكرت أخوها توأمها الشاب مفتول العضلات قوي البنيان الذي تخرج لتوه من كلية التربية الرياضية وهي تخرجت من الجامعه الأمريكية.
وجمالها ولغتها فتحت أمامها كل فرص العمل إلا أنها إختارت أن تعمل مضيفة جوية لتعيش كالفراشة تطير هنا وتحط هناك وتتنقل بين أغصان الأشجار وقابلت شوكت على متن الطائرة في إحدى الرحلات بين القاهرة وإسطنبول ولأن الدم بيحن كما يقولون إنجذب شوكت لسالي وإنجذبت سالي لشوكت وتبادلا نظرات الإعجاب ولم يستغرق الوقت طويلاً لتعارف الأسرتين وتم الزفاف بين شوكت وسالي وعاشا قصة حب بعد الزواج تشبه قصص الروايات في قصص يوسف إدريس أو إحسان عبدالقدوس؟!
وتكلل هذا الزواج بأول مولود (نانسي) الطفلة التي ملأت حياتهما حبا وحنانا ووسط هذه الحياة السعيدة ذات ليلة دق جرس الفون وإذا بالفاجعة الكبرى سمعت صوت يقول لها سالي لقد مات هاني توأمك سقطت سالي على الأرض من هول الفاجعة لأن هاني كان قد تناول معها العشاء وذهب إلى شقته وتم نقل سالي إلى المستشفى ومرت بحالة نفسية لم تتشافي منها إلا بعد عدة شهور لأنها كانت تخشي أن تنام فتموت مثل أخيها وذهبت إلى منزلها وهنا حدث مالم يكن في الحسبان؟؟
نامت سالي نوما عميقا وإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيها في المنام ليخبرها ألا تحزن علي هاني لأنه معه في جنة الفردوس وألا تجزع من الموت حيث كانت تشعر دائما أنها حتما ستموت لو نامت نوم عميق وألبسها عباءة وهنا تغير حال سالي من النقيض إلى النقيض وتبدلت من حال إلى حال وإرتدت ثوب المرأة الصوفية العابدة الزاهدة في كل شيء وتركت عملها وتفرغت لتربية نانسي وتوفي زوجها وذاقت العذاب أمرين من أهل الزوج ومن إخوتها أيضا بعد أن إستولوا على ميراثها من زوجها وحتى من أمها ولكن لأنها العابدة الزاهدة كانت تكل أمرها كله لله هو ملجئها وهي تناجيه فجر كل ليلة في شقتها البسيطة التي رضيت بها سكنا لها بعد أن كانت تسكن في أفخر أحياء القاهرة ؟
ومرت السنوات وكبرت نانسي وتزوجت من المهندس الذي أحبها وأحبته وتفرغت سالي للذهاب إلى أضرحة أولياء الله الصالحين لتتعبد هناك وخاصة مساجد آل بيت رسول الله التي كانت تجد فيهم راحتها وصفاء نفسها وعاشت بين الأضرحة وبيت بنتها نانسي كلما إشتاقت إليها.
وهنا جففت سالي دموعها بعد توقف شريط ذكرياتها وأمسكت بمسبحتها وبدأت تتلوا وردها كالعادة كل ليلة إلى أن أذن المؤذن لصلاة الفجر فقامت تصلي كالعادة لتنام بعد الفجر على أمل أن تستيقظ صباحا لزيارة نانسي لتطمئن على حفيدتها رقية التي أصبحت هي بسمتها في الحياة.
Post A Comment: