الكاتب المغربي / شفيق عبد الهادي يكتب مقالًا تحت عنوان "اللغة والسياسة"
شكلت اللغة منذ فجر التاريخ حلقة وصل بين الأفراد والمجتمعات ، إذ بها يتم التلاقح الثقافي و التعارف والتواصل، لكنها اتخذت مسارا مغايرا فخرجت من دائرة الغرض من وجودها والوظيفة التى تؤديها، فأصبحت أداة ليس للتواصل فحسب، بل لكسب مطامع مآرب ومصالح شخصية، ، ويعد المجال السياسي المجال الخصب الذي تخوّن فيه اللغة وتتحول إلى قنطرة فوق مياه راكدة بين المسؤول الذي يلوي عنق اللغة والسائل، هذا المجال - السياسي- الذي بات مقدّرا و حجم الثقة فيه لا تقاس فأصبحت رائحة فساده تفوح في كل مكان يشمها الصغير قبل الكبير، و الانتحال و النصب غير المباشر، والتبشير بقيم مزيفة كالحرية والعدل والانتقال التنموي و الدعاية للعيش الكريم
كان مفهوما اللغة والسياسة مفهومين متلازمين منذ عهد الإغريق، فتطورا مبلغا من التطور حتى أصبحا مجالا واحدا ، حيث نجزم أن فعل السياسة لا يتم إلا باللغة وأن هذه الأخيرة في خدمة السياسة.. ولكل سياسي في حاجة الى لغة تنساق مع توجهه السياسي، ليقدم أفكاره في طبق لغوي طازج
إن لغة الوعد هي بلاغة العصر وهي الضامن الأساسي ،كمثال لاستعمال السياسيين للغة من أجل التصدي لظاهرة هجرة الأدمغة العامرة و الفارغة ، إد لم تعد هجرة هذه الأدمغة في صالح المسؤولين السياسيين، لكون العنصر البشري هو الثروة الأولى لهم
فكما أشرنا في بداية المقال ان عنصر اللغة في المجال السياسي تتحول فيه الى شكل خطاب سياقي يجمع بين مخاطَب مغلوب عن أمره وبين مخاطِب متحكم تحكم المستبد السائس و المسوس،، إن هذا المخاطب السياسي يتخذ بعين الاعتبار ثلاثة عناصر أساسية لتمرير خطابه المكان والزمن و المحتوى ;
فباعتبار المكان يتم اتخاذ أماكن عمومية ومنابر ذات الاستقطاب المفتوح داخل حواضر و مداشر المدن،
واباعتبار الزمن يتحين فرص الشدائد بين كل ولاية زمن الظهور للادعاءات المغرضة،
وباعتبار المحتوى أي نوعية الخطاب المستعمل أمام المواطنين، وذلك لدغدغة مشاعرهم ومشاريعهم..
ففي هذا المقال أسعى فيه إلى إثبات أن المؤثرين الفايسبوكيين المغاربة أكثر تحليلا للخطابات السياسية في ظل غياب المفكرين والمثقفين الذي من المفروض ان يكونوا في الصفوف الأمامية للتصدي لهذا الفساد في محاولة لإيجاد مجن له وحلول لأزمات تنخر البلاد،، هنا نطرح أيضا موضوع آخر في سياق متصل وهو أزمة المثقف و المفكر العربي و المغربي بالخصوص.. وإن كانوا يدونون في الكتب،، فالأولى ظهورهم في منابر إعلامية عربية وليس بالضرورة إعلام مغربي..
قلت بأن طبيعة اللغة المستعملة لغة استعارية مغرضة تسيل رداد المواطن من قبيل ;التغيير العميق، العهد الجديد، التقدم، التنمية، الازدهار، الرخاء الاجتماعي.. تحسين الوضعية المادية و المعنوية ،لكنها في الحقيقة افتراء على الشعب الكذب وهم يشعرون بذلك...
عموما إن النظام اللغوي المستعمل في عصور خلت (العصور الوسطى) ليس هو النظام الذي أصبح يستعمل في العصر الحديث في وطننا العربي بما فيه المغربي خاصة بعد نهاية الحربين العالميتين الاولى و الثانية، وما بعد الاستعمار والتأثر المباشر بالدول الغربية وما سنته من مفاهيم كالحرية و المساواة و الاختيار و العدل..... الغ
إننا نسجل كذلك عزوفا كبيرا على القراءة لاسيما السياسية منها، إذ من المعلوم أن الكتابة
تعد عامة سلاحا للدفاع عن فكرة أو موضوع معين، كما تشكل حفظا لماء وجه العديد من الكتاب على اختلاف مشاربهم،بما فيهم السياسي في تجربة حياته السياسية إن قاده قلمه للكتابة ، إذ نرى العديد من السياسيين الذين يتفرغون لكتابة مقالات أو روايات او سير ذاتية، لكن في المقابل هل نرى الجدية والموضوعية في هذه الكتابات السياسية، او بالأحرى هل هؤلاء الكتاب يتحرون الدقة وإظهار كل شيء للقارئ أم يخفون أكثر مما يظهرون؟ إن الإجـــــــــــــــــــابــــــــــــــــة على هذا السؤال يقودنا لتحديد أولا نسبة القراءة و الكتاب في المغرب خاصة نسبة الكتابة السياسية منها.
لم يكن المغرب في مصاف الدول الأكثر قراءة وكتابة، لكن له حصة محتشمة في هذا المجال، وكان الشباب التي تتراوح أعمارهم مابين 15 و 24 هم الفئة الأكثر انفتاحا على القراءة والكتابة بمعدل 86٪ الى حدود 2017، ، لكن السؤال حول المحتوى المقروء،، إذ نادرا ما نجد الانكباب على قراءة كتب التجارب السياسية و المقالات، حتى الجرائد و المجلات يكتفي قراؤها بالعناوين الكبرى دون قراءة التفاصيل، والأغلبية الساحقة تكتب عبر وسائل التواصل في المجال السياسي بشكل مباشر وغير مباشر بما في ذلك انتشار كبير للوسوم و الكاريكاتير،.. هذا في الحقيقة يقف أمام خطر محدق ليس فقط للكتاب السياسي ،بل للكتاب عامة..إننا أما عزوف كبير في عن الكتابة السياسية بالمغرب لأسباب مجهولة قد تعود إلى المنع و الرقابة او لعدم وجود أقلام تسبر أغوار الدرس السياسي تناولا وتحليلا ،كما في كتاب الأمير للكاتب الشهير مكيافيلي... ليس الشأن في وصف هرم المؤسسات القائمة في الدولة او تحديد عناصر الدولة الكبرى إنما الشأن هو الوقوف على الكيفية التي يتم بها التسيير السياسي و وضع خطط او رؤية استشرافية لمواجهة الأزمات السياسية المحتملة
Post A Comment: