حديث الجمعة: رحمة مهداة 4 بقلم فضيلة الشيخ أنور توفيق موجه الوعظ بالأزهر الشريف 


حديث الجمعة: رحمة مهداة 4 بقلم فضيلة الشيخ أنور توفيق موجه الوعظ بالأزهر الشريف


أيها إلقارئ الكريم حدثتك فى الجمعة الماضية عن رحمته صلى الله عليه وسلم بالحيوان واليوم بإذن الله تعالى أحدثك عن كونه رحمة مهداة للعالمين ومن هذه الرحمة رحمته صلى الله عليه وسلم بأهل الكتاب( النصارى) لعلِّى أصل وإياك للمقصود من كونه رحمة المعبود لكل مخلوق وموجود من الإنس والجن و كل مخلوق فى الوجود

مقصد هداية النصارى وإنقاذهم من النار وتجلياته:

بعدما تبينت طبيعة النصارى وعلاقتهم بالمؤمنين وموقفهم من النبى الأمين وكتاب رب العالمين، واتضح الفرق بينهم وبين غيرهم من اليهود والمشركين، الذين شملتهم رحمته صلى الله عليه وسلم

رغم عداوتهم ومكرهم، ونقضهم لعهودهم، فلا عجب ولا غرابة في أن نجده رحيما بالنصارى الذين وصفهم الله بأن في قلوبهم رأفةً ورحمةً، وأنهم أقرب مودة للذين ءآمنوا، وغيرها من الصفات الحميدة التي سبق بيانها.والتى جاء ذكرها فى قوله تعالى( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَ ٰ⁠وَةࣰ لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلَّذِینَ أَشۡرَكُوا۟ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقۡرَبَهُم مَّوَدَّةࣰ لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱلَّذِینَ قَالُوۤا۟ إِنَّا نَصَـٰرَىٰۚ ذَ ٰ⁠لِكَ بِأَنَّ مِنۡهُمۡ قِسِّیسِینَ وَرُهۡبَانࣰا وَأَنَّهُمۡ لَا یَسۡتَكۡبِرُونَ) المائدة ٨٢ فالفارق بين الطائفتين في موضوع الرحمة بهما كبير، من حيث كثرة النصوص والأحداث الدالة على صور رحمة رسول الله ﷺ بهم وقلتها. فما ورد في شأن النصارى منها قليل ـ خلافا لما ورد في شأن اليهود ـ وذلك لقلة عدد النصارى الذين كانوا يقطنون بالجزيرة العربية فى زمن رسول الله ﷺ، وقلة احتكاكهم به وبأصحابه وبدعوته بعد بعثته وقبل موته. بينما كان عدد اليهود كثيرا، واستوطنوا المدينة المنورة قبل البعثة وبعدها حتى أجلاهم الرسول ﷺ منها بسبب غدرهم ومكرهم وسوء أفعالهم.

ونظرا لاشتراك اليهود والنصارى في بعض صور رحمة الرسول ﷺ بهم جميعا وتشابهها، وأنهم مشمولون جميعا برحمته، وخاضعون لاختلاف مراتبها حسب اختلاف أحوالهم، فسأقتصر على ما خصوا به منها، ومُعْرِضا عما كان مشتركا وسبق ذكره، معتمدا في ذلك على النصوص الصريحة في شأنهم دون غيرهم، من الكتاب والسنة النبوية والسيرة العطرة وخاصة منها المعاهدات التي عقدها رسول الله صلى الله وسلم مع النصارى ووفودهم وأسقفهم والكتب التي كتبها إليهم.

ومن تجليات مقصد هدايتهم وإنقاذهم من النار ما يلى:

1 - دعوة ملوك النصارى إلى الإسلام وترغيبهم فيه، ومما ورد في كتابه إلى هرقل ملك الروم: «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، وإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين، ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ٦٤

ومعنى فإن عليك إثم الأريسين إن لم تؤمن فعليك إثم من لم يؤمن من قومك وهم تبع لك من أتباع عبد الله بن أريس

ومما جاء في رد هرقل قوله: «إلى أحمد رسول الله الذى بشر به عيسى؛ من قيصر ملك الروم، إنه جاءني كتابك مع رسولك، وإني أشهد أنك رسول الله، نجدك عندنا في الإنجيل، بشرنا بك عيسى بن مريم، وإني دعوت الروم إلى أن يؤمنوا بك فأبوا، ولو أطاعونى لكان خيراً لهم، ولوددت أنى عندك فأخدمك وأغسل قدميك»الوثائق الدولية للعهد النبوى

لكنه رغم شهادته بأن محمدا رسول الله، بقى.ََ على كفره، حرصا على ملكه وخوفا من قومه. وحسب رسول الله ﷺ أنه دعاه إلى الإسلام ورغبه فيه ورهبه من التولى عنه وبقائه على كفره. وكذلك فعل مع غيره من الملوك - كسرى وقيصر والنجاشي والمقوقس - الذين كاتبهم حرصا عل هدايتهم وإنقاذهم من النار، ورغبة في إسلام أقوامهم بإسلامهم، وهذا من تجليات مقصد رحمته بهم.

2 - ومنها كذلك سماحه لوفد نجران بدخول مسجده ﷺ وبالصلاة فيه لما حان وقت صلاتهم، وصلوا فيه إلى المشرق. فبين لهم بذلك سماحة الإسلام لعلهم يقبلون عليه، وتنشرح صدورهم إليه، فيهتدون ويُنقَذُونَ من النار.هذا وإن كان في الأجل بقية فالحديث موصول مع خصائص سيدنا الرسول حول رحمته بالنصارى راجيا من الله القبول وتحقيق المأمول حول معرفة الخلق أجمعين برحمة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم .



Share To: