الشاعرة والكاتبة المغربية / ليلى الخمليشي تكتب خاطرة تحت عنوان "مساءات ساكتة !" 


الشاعرة والكاتبة المغربية / ليلى الخمليشي تكتب خاطرة تحت عنوان "مساءات ساكتة !"



سأنفث على الذكريات المتعفنة بين خلاياي تلك التي نهشت مني كثيرا وأخذت مسارا طويلا ونسجت أعشاشا متفرقة، سأمنح لأحرفي نفثة جديدة وروحا عارمة وأجمع الأمل كالحطب لأكوِّن رزمة صارخة فوق هوامشي الهاربة من منفاها!



أمي، عيون الحب لا أعرف فيما إذا كنت أقصر معك في التواصل أم أنك تجدين لي أعذارا ككل مهاتفة! لا أعرف إن كانت المرايا تكذب أم لا، فقد أضحى وجهي ناصعا بالحنين والاشتياق مريضا باللهفة. ألملم كل أشيائي التي ألمس بها ضحكاتكم، شغبكم، دندناتكم.. صرت متصالحة مع إنسانيتي لا أتجنبها وكأنها طود عظيم، فعلى أي حال صار وجهي عنوانه النسيان وعيوني هي الغائبة عن خرائطي. 


أمي روحي الضاحكة؛ كيف لهذه المساءات أن تُدمجني فيها حَدّ النخاع! فتبقى سطوري مترعة الأحاسيس لا أعرف إن كانت تعرفني أم فقط تعشقني كوني راوية لأحداثها وعنفوانها! ما أشاهده عبر الجدران يا أمي يفقدني اللذة في الحياة كم من فرقة تشتَّتت وكم من حبيب فارق وكم من صديق غدر وكم قريب صدَّ وهاجر! أفقدتني هذه الأزقة مرح الطفولة، أفقدتني مرح الدعابة مع الجميع حتى مع نفسي، ترى سيكون هذا من ما أشاهده؟ عيون الحب ذلك الماضي السحيق شذراته حادة تستنزف طاقتي كل يوم بارعة في فن الضربات، مللت المقاومة أنا يا أمي وشك السقوط مني، اقتربت من حافة الموت لأصبح كتلك الجثة المتفسخة التي تدعو الجميع لتحليلها تحليلا منطقيا و النظر في أجزائها المنطفئة بعد اشتعال دام سنين، ترى كيف انطفأت؟ أخاطب هذه المساءات الرافضة والساكتة عن الحق! كيف تحتفلين على جثت كانت تملؤها الهدوء والوسامة ؟ ودائما تحيرني بإجاباتها عبر ابتسامتها اللَّاذعة، عنْوَنتُ وحدتي'بالصمت' وضممت يدي إلى جيبي فأخرجتها بيضاء من غير سوء كأنها لم تصافح أحد ! ولم تَصفَح عن أحد، وكثيرا يا أمي ما يشدني الشوق للأَلواح البعيدة الأمد فهي الوحيدة من تستطيع احتوائي كما أنا، وحدها الطبيعة من تستنفذ لها الأرواح!.


ليلى  الخمليشي




Share To: