حول مقولة "إسلام بلا مسلمين ومسلمون بلا إسلام" | بقلم الأديب المصري حسين صلاح حسين 


حول مقولة "إسلام بلا مسلمين ومسلمون بلا إسلام" | بقلم الأديب المصري حسين صلاح حسين



من يوم ولدت ثقبت اذني من مقولة ترددها الألسن مراراً وتكراراً وقالها لنا معظم أساتذتنا وكل من هب ودب يرددها وصارت مثلاً دارجاً وهو قول الإمام محمد عبده: "رأيت في أوروبا إسلاما بلا مسلمين وفي بلدنا مسلمين بلا إسلام".


 كل من قال هذه المقولة لا أعلم سبب هذا الثقة وهذه المحبة منها، لا أعلم هل كان الإمام في زمان غير زمننا أو فترة تاريخية لم نسمع عنها أو كان فيها الغرب صالحون لهذه الدرجة التي تحدث عنها. 


رأيت وبحثت بعد تفكيري ووعي بهذه المقولة ردوداً كثيرة وكلها نقدية قاسية، ولم أكن وحدي من فكر وتمعن ولم تدخل عقله هذه المقولة، البعض يعتقد أن الكبار لا يخطئون ولا يجب علينا النقد أو شيء من هذا القبيل. 


هذه المقولة لا أرَ أنها في محلها، لم أرَ ولم أسمع ولم أعرف يوماً من الأيام أن الغرب كانوا أفضل، المقولة واضحة بدو الشمس في طالعة النهار، المقولة لا يجب أن تردد على الألسن بعد ذلك، علينا أن نتمعن جيداً في هذه المقولة وليس كل ما عرف يقال ويردد. 


الغرب من صدروا للمجتمعات الشرقية وخاصة مجتمعنا الإسلامي كل الفجور والعادات السلبية، وإن كان في بعضنا بعض العادات السلبية المكثارة التي انتشرت كالنار في الهشيم في الفترة الأخيرة إلا أننا لم نكن ولن نكن مثلهم في أي وقت أو حين. 


المجتمعات الإسلامية نعم أغفلت أخلاق الإسلام وابتعدت

عنها وأغفلت تعاليم وأخلاق كثيرة وضلت الطريق الصحيح وحيد عنه الكثير إلا أن المجتمعات الغربية نعم بعضهم قد طبق أموراً معينة في المعاملات وآداب الحديث والتعامل مع الآخر في أوقات معينة أو بعضهم من يفعل ذلك دون دراية بالإسلام وتعاليمه، بينما أغفلت بلادنا الإسلامية هذه الأمور رغم علمها إلا أن هذا الشيء لا يعد مقياساً بالمرة للحكم على مجتمع بعينه بالصلاح أو بنقيضه. 


فسر البعض مقاصد الإمام بأنه رأى إحترام القانون والضمير والإخلاص والمسئولية في وجوده في أوربا ولكن كانت تحتاج هذه المقولة إلى تعريج وتفسير وإيضاح ما تقصده المقولة. 


في الحقيقه حاولت البحث عن مصدر هذه المقولة وهل قالها الإمام بالفعل، لكن وجدت بعد بحث أ.د علي جمعة يتحدث عن هذه المقولة وعن صحتها ومصدرها وذكر بأنه بحث بحثاً تاماً فلم يجد بأن هذه المقولة منسوبة للأمام. 

https://youtu.be/btv_zj-IRgo


لا اعارض إطلاقاً الإمام رحمه الله، إنما أعارض فقط هذه المقولة التي لم تكن موفقة بالمرة ولم تكن في محلها تماماً.


ما أريده في هذه المقالة وما أريد إيصاله ليس من قالها وإلى من تنسب، إنما أريد أن أقول أن هذه العبارة ليست في محلها، ولا أواجه أو أنتقد أشخاصاً، إنما من الحماقة والجهل أن نرددها ونظل نرددها ونستدل بها ونتخذها قرائنا لنا ونعظم من شأنها في كل وقت وحين. 



الأثنين ٢٠ ربيع الآخر ١٤٤٤





Share To: